حَرْبٍ (وَلَمْ تَحِلَّ) الْغَنَائِمُ (لِغَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرِكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْحَرْبِيِّينَ (مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ) مَالُ (مُعَاهَدٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ (فَأَدْرَكَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ قَسْمِهِ، لَمْ يُقَسَّمْ، وَرُدَّ إلَى صَاحِبِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ غُلَامًا لَهُ أَبَقَ إلَى الْعَدُوِّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ» وَذَهَبَ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
(فَإِنْ قُسِّمَ) مَا أَخَذَهُ مِنْهُمْ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ (بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ مُعَاهَدٍ لَمْ تَصِحَّ قِسْمَتُهُ وَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِغَيْرِ شَيْءٍ) ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهُ كَانَتْ بَاطِلَةً مِنْ أَصْلِهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُقَسَّمْ (ثُمَّ إنْ كَانَ) مَالُ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُعَاهَدِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ (أُمَّ وَلَدٍ لَزِمَ السَّيِّدُ أَخْذُهَا) قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا.
(وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالثَّمَنِ) وَلَا يَدَعُهَا يَسْتَحِلُّ فَرْجَهَا مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ (وَمَا سِوَاهَا) أَيْ: أُمِّ الْوَلَدِ (لِرَبِّهِ أَخْذُهُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ مَجَّانًا وَبَعْدَهَا بِالثَّمَنِ.
(وَ) لَهُ (تَرْكُهُ غَنِيمَةً) لِلْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ (فَإِنْ أَخَذَهُ) قَبْلَ الْقِسْمَةِ (أَخَذَهُ مَجَّانًا) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ أَبَى أَخْذَهُ) قُسِّمَ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ سَقَطَ مِنْ التَّقْدِيمِ.
(أَوْ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ شَيْئًا عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مَرَاكِبَ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يُعْرَفْ صَاحِبُهُ قُسِّمَ، وَجَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ) ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ قَدْ مَلَكُوهُ، فَصَارَ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ وَإِنَّمَا لِرَبِّهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ إذَا عُرِفَ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْأَمَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْكُفَّارِ (جَارِيَةً لِمُسْلِمٍ، أَوْلَدَهَا أَهْلُ الْحَرْبِ فَلِسَيِّدِهَا أَخَذُهَا إذَا أَدْرَكَهَا كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ أَوْلَادِهَا وَمَهْرِهَا) لِلُحُوقِ النَّسَبِ لِمَالِكٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ كَسَائِرِ أَمْوَالِنَا.
(وَإِنْ أَدْرَكَهُ) أَيْ: أَدْرَكَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُعَاهَدُ مَالَهُ الْمَأْخُوذَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ (مَقْسُومًا) فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ بَعِيرًا لَهُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ أَصَابُوهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنْ أَصَبْتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هُوَ لَكَ، وَإِنْ أَصَبْتَهُ بَعْدَ مَا قُسِمَ أَخَذْتَهُ بِالْقِيمَةِ» وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَخْذُهُ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِئَلَّا يُفْضِي إلَى حِرْمَانِ آخِذِهِ بِالْغَنِيمَةِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَأَدَّى إلَى ضَيَاعِ حَقِّهِ فَالرُّجُوعُ بِشَرْطِ وَزْنِ الْقِيمَةِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ (أَوْ) أَدْرَكَهُ رَبُّهُ (بَعْدَ بَيْعِهِ وَ) بَعْدَ (قَسْمِ ثَمَنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِثَمَنِهِ كَأَخْذِهِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute