وَكِيلَهُ لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي الْوِكَالَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ كَمَا لَا يَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَغْنَمِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ يُحَابِي؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُهُ فِي غَزْوَةِ جَلُولَاءَ، وَقَالَ: إنَّهُ يُحَابِي احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلِأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ، فَكَأَنَّهُ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِ نَفْسِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ اشْتَرَى بِنَفْسِهِ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ جَلُولَاءَ لِلْمُحَابَاةِ، وَظَاهِرُهُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ.
(وَتُمْلَكُ الْغَنِيمَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مُبَاحٌ فَمُلِكَتْ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْمُبَاحَاتِ، وَيُؤَيِّدُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُمْ فِي رَقِيقِهِمْ الَّذِينَ حَصَلُوا فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُمْ فِيهِ وَأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الْحَرْبِيِّ وَلَحِقَ بِجَيْشِ الْمُسْلِمِينَ صَارَ حُرًّا.
وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ لَا فِي فَوْرِ الْهَزِيمَةِ لِلَبْسِ الْأَمْرِ، هَلْ هُوَ حِيلَةٌ أَوْ ضَعْفٌ؟ وَفِي الْبُلْغَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ مُجَرَّدَ الِاسْتِيلَاءِ، وَإِزَالَةَ أَيْدِي الْكُفَّارِ عَنْهَا كَافٍ.
(وَيَجُوزُ قَسْمُهَا وَتَبَايُعُهَا) فِي دَارِ الْحَرْبِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ لِلْأَوْزَاعِيِّ هَلْ قَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ فِي الْمَدِينَةِ قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ وَقَسَّمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنَائِمَ بَنِي الْمُصْطَلَقِ عَلَى مِيَاهِهِمْ، وَغَنَائِمَ حَنِينٍ بِأَوْطَاسٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ مَلَكُوهَا بِالِاسْتِيلَاءِ فَجَازَ قِسْمَتُهَا فِيهَا وَبَيْعُهَا كَمَا لَوْ أُحْرِزَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
(وَهِيَ) أَيْ: الْغَنِيمَةُ (لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدٌ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ " الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ " (مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْجِهَادَ، قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ، مِنْ تُجَّارِ الْعَسْكَرِ، وَأُجَرَاءِ التُّجَّارِ، وَلَوْ) كَانَ الْأَجِيرُ (لِلْخِدْمَةِ وَلِمُسْتَأْجَرٍ مَعَ جُنْدِيٍّ كَرِكَابِيٍّ وَسَايِسٍ، وَالْمُكَارِي وَالْبَيْطَارِ وَالْحَدَّادِ وَالْإِسْكَافِ وَالْخَيَّاطِ وَالصُّنَّاعِ) أَيْ: أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ (الَّذِينَ يَسْتَعِدُّونَ لِلْقِتَالِ وَمَعَهُمْ السِّلَاحُ) ؛ لِأَنَّهُ رِدْءٌ لِلْمُقَاتِلِ لِاسْتِعْدَادِهِ أَشْبَهَ الْمُقَاتِلَ وَحَمَلَ الْمَجْدُ إسْهَامَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَسْلَمَةَ وَكَانَ أَجِيرًا لِطَلْحَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَلَى أَجِيرٍ قَصَدَ مَعَ الْخِدْمَةِ الْجِهَادَ (حَتَّى مَنْ مُنِعَ لِدَيْنِهِ) أَيْ: مَنَعَهُ الشَّرْعُ الْجِهَادَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ (أَوْ مَنَعَهُ أَبَوَاهُ) مِنْ الْجِهَادِ، فَيُسْهَمُ لَهُ (لِتَعَيُّنِهِ) أَيْ: الْجِهَادِ (بِحُضُورِهِ) أَيْ: لِصَيْرُورَةِ الْجِهَادِ فَرْضَ عَيْنٍ بِحُضُورِهِ، فَلَا يَتَوَقَّفُ إذَنْ عَلَى الْإِذْنِ.
(وَ) يُعْطَى أَيْضًا (لِمَنْ بَعَثَهُمْ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَرَسُولٍ) مُخَوَّفٍ وَغَزَا (وَ) يُعْطَى أَيْضًا (لِمَنْ بَعَثَهُمْ الْأَمِيرُ لِمَصْلَحَةٍ كَرَسُولٍ وَجَاسُوسٍ وَدَلِيلٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute