سَهْمٌ وَاحِدٌ) قَالَ الْخَلَّالُ: تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بِذَلِكَ لِمَا رَوَى مَكْحُولٌ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْفَرَسَ الْعَرَبِيَّ سَهْمَيْنِ، وَأَعْطَى الْهَجِينَ سَهْمًا» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَأَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ، وَرَوَى مَوْصُولًا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: وَالْمُرْسَلُ أَصَحُّ؛ وَلِأَنَّ نَفْعَ الْعِرَابِ، وَأَثَرُهَا فِي الْحَرْبِ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ سَهْمُهُ أَرْجَحَ لِتَفَاضُلِ مَنْ يُرْضَخُ لَهُ.
(وَإِنْ غَزَا اثْنَانِ عَلَى فَرَسٍ لَهُمَا هَذَا عُقْبَةٌ، وَهَذَا عُقْبَةٌ، وَالسَّهْمُ) أَيْ: سَهْمُ الْفُرْسِ (لَهُمَا) عَلَى حَسَبِ مِلْكَيْهِمَا (فَلَا بَأْسَ) نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرِ مِنْ فَرَسَيْنِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى الْأَوْزَاعِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسْهِمُ لِلْخَيْلِ، وَكَانَ لَا يُسْهِمُ لِلرَّجُلِ فَوْقَ فَرَسَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ أَفْرَاسٍ» ؛ وَلِأَنَّ بِهِ حَاجَةً إلَى الثَّانِي بِخِلَافِ الثَّالِثِ.
(وَلَا) يُسْهَمُ (لِغَيْرِ الْخَيْلِ كَفِيلٍ، وَبَعِيرٍ، وَبَغْلٍ، وَنَحْوِهَا، وَلَوْ عَظُمَ غَنَاؤُهَا) بِفَتْحِ الْغَيْنِ أَيْ: نَفْعُهَا (وَقَامَتْ مَقَامَ الْخَيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَسْهَمَ لِغَيْرِ الْخَيْلِ، وَقَدْ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ سَبْعُونَ بَعِيرًا، وَلَمْ تَخْلُ، غَزَاةٌ مِنْ غَزَوَاتِهِ مِنْ الْإِبِلِ بَلْ هِيَ غَالِبُ دَوَابِّهِمْ، وَكَذَا أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُمْ أَسْهَمُوا لِغَيْرِ الْخَيْلِ، وَلَوْ أُسْهِمَ لَهَا لَنُقِلَ؛ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْخَيْلِ لَا يَلْحَقُ بِهَا فِي التَّأْثِيرِ فِي الْحَرْبِ، وَلَا يَصْلُحُ لِلْكَرِّ، وَالْفَرِّ، فَلَمْ يُلْحَقْ بِهَا فِي الْإِسْهَامِ.
(وَمَنْ اسْتَعَارَ فَرَسًا أَوْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ كَانَ) الْفَرَسُ (حَبِيسًا وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ فَلَهُ سَهْمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نَفْعَهُ فَاسْتَحَقَّ سَهْمَهُ وَيُعْطَى رَاكِبُ الْحَبِيسِ نَفَقَةَ الْحَبِيسِ مِنْ سَهْمِهِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُ.
(وَإِنْ غَصَبَهُ) أَيْ: الْفَرَسَ فَغَزَا عَلَيْهِ (وَلَوْ) كَانَ الْغَاصِبُ لِلْفَرَسِ (مِنْ أَهْلِ الرَّضْخِ) كَالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ رَاكِبِهِ، فَيَخْتَصُّ الْمَنْعُ بِهِ (فَقَاتَلَ) الْغَاصِبُ (عَلَيْهِ فَسَهْمُ الْفَرَسِ لِمَالِكِهِ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ نَفْعِ الْفَرَسِ مُرَتَّبٌ عَلَى نَفْعِهِ، وَهُوَ لِمَالِكِهِ فَكَذَا السَّهْمُ.
(وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ مَلِكَ فَرَسًا أَوْ اسْتَعَارَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ اسْتَأْجَرَهُ وَشَهِدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، فَلَهُ سَهْمُ فَارِسٍ، وَلَوْ صَارَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ رَاجِلًا) ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِاسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْفَرَسِ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ الْوَقْعَةَ، لَا حَالَ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَا مَا بَعْدَ الْوَقْعَةِ؛ وَلِأَنَّ الْفَرَسَ حَيَوَانٌ يُسْهَمُ لَهُ فَاعْتُبِرَ وُجُودُهُ حَالَةَ الْقِتَالِ كَالْآدَمِيِّ (وَإِنْ دَخَلَهَا) أَيْ: دَارَ الْحَرْبِ (فَارِسًا ثُمَّ حَضَرَ الْوَقْعَةَ رَاجِلًا حَتَّى فَرَغَ الْحَرْبُ لِمَوْتِ فَرَسِهِ أَوْ شُرُودِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) كَمَرَضِهِ (فَلَهُ سَهْمُ رَاجِلٍ، وَلَوْ صَارَ فَارِسًا بَعْدَ الْوَقْعَةِ) اعْتِبَارًا بِحَالِ شُهُودِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَحْرُمُ قَوْلُ الْإِمَامِ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ كَانُوا يُقَسِّمُونَ الْغَنَائِمَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute