للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتِغَالِهِمْ بِالنَّهْبِ عَنْ الْقِتَالِ، وَإِلَى ظَفَرِ الْعَدُوِّ بِهِمْ؛ وَلِأَنَّ الْغُزَاةَ اشْتَرَكُوا فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّسْوِيَةِ.

(وَلَا يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ: لَا يَسْتَحِقُّ الشَّيْءَ آخِذُهُ، بَلْ يَأْتِي بِهِ الْمَغْنَمَ لِيُقَسَّمَ، وَقِيلَ: وَيَجُوزُ لِمَصْلَحَةٍ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ «مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ» وَرُدَّ بِأَنَّ قَضِيَّةَ بَدْرٍ لَمَّا اُخْتُلِفَ فِيهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] الْآيَةَ.

" تَتِمَّةٌ " قَالَ فِي السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ: فَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْجَمْعَ وَالْقِسْمَةَ وَأَذِنَ فِي الْأَخْذِ إذْنًا جَائِزًا فَمَنْ أَخَذَ شَيْئًا بِلَا عُدْوَانٍ حَلَّ لَهُ بَعْدَ تَخْمِيسٍ، وَكُلُّ مَا دَلَّ عَلَى الْإِذْنِ فَهُوَ إذْنٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ إذْنًا غَيْرَ جَائِزٍ جَازَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ مَا يُصِيبُهُ بِالْقِسْمَةِ، مُتَحَرِّيًا لِلْعَدْلِ فِي ذَلِكَ.

(مَثَلًا وَيَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِ الْغَانِمِينَ عَلَى بَعْضٍ لِغَنَاءٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: نَفْعٍ (فِيهِ، كَشَجَاعَةٍ، وَنَحْوِهَا) كَالرَّأْيِ، وَالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنْفِلَ، وَيُعْطِيَ السَّلَبَ فَجَازَ التَّفْضِيلُ لِذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّفْضِيلُ لِغَنَاءٍ فِيهِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْغَانِمِينَ اشْتَرَكُوا فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّسْوِيَةِ، فَوَجَبَ التَّعْدِيلُ بَيْنَهُمْ، كَسَائِرِ الشُّرَكَاءِ.

(وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْجِهَادِ وَلَوْ كَانَ) الْأَجِيرُ (مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ) الْجِهَادُ كَالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ أَشْبَهَ الصَّلَاةَ (فَيَرُدُّ) الْأَجِيرُ (الْأُجْرَةَ) لِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ (وَلَهُ سَهْمُهُ) إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْهَامِ (أَوْ رَضْخُهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْإِسْهَامِ.

(وَمَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ بَعْدَ أَنْ غَنِمُوا عَلَى حِفْظِ الْغَنِيمَةِ أَوْ حَمْلِهَا حَمْلِهَا وَسَوْقِ الدَّوَابِّ الدَّوَابِّ وَرَعْيهَا، وَنَحْوِهِ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَسْقُطْ مِنْ سَهْمِهِ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مُؤْنَةِ الْغَنِيمَةِ، فَهُوَ كَعَلَفِ الدَّوَابِّ، وَإِطْعَامِ السَّبْيِ، يَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَذْلُهُ، وَيُبَاحُ لِلْأَجِيرِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِفِعْلٍ لِلْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ حَاجَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْأُجْرَةُ كَالدَّلِيلِ عَلَى الطَّرِيقِ.

(وَلَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ) لِذَلِكَ (بِدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْمَغْنَمِ، أَوْ جُعِلَتْ أُجْرَتُهُ رَكُوبَ دَابَّةٍ مِنْهَا صَحَّ) ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَجَّرَ بِنَقْدٍ مِنْهَا.

(وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، فَسَهْمُهُ لِوَارِثِهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَيِّتِ لَهُ بِانْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَلَوْ قَبْلَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَهَا فِي حَالٍ لَوْ قُسِّمَتْ فِيهِ صَحَّتْ قِسْمَتُهَا، وَكَانَ لَهُ سَهْمُهُ مِنْهَا، فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ سَهْمَهُ فِيهَا كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ إحْرَازِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>