للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِقَوْلِ عُمَرَ " الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ "، وَهَذَا قَدْ شَهِدَهَا.

(شَهِدَهَا وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرَايَاهُ فِيمَا غَنِمَتْ، وَتُشَارِكُهُ فِيمَا غَنِمَ) أَيْ: أَيُّهُمَا غَنِمَ شَارَكَهُ الْآخَرُ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا غَزَا هَوَازِنَ بَعَثَ سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ قِبَلَ أَوْطَاسٍ، فَغَنِمَتْ فَشَارَكَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْجَيْشِ» ؛ وَلِأَنَّ الْجَمِيعَ جَيْشٌ وَاحِدٌ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا رِدْءٌ لِصَاحِبِهِ فَلَمْ يَخْتَصَّ بَعْضُهُمْ بِالْغَنِيمَةِ، كَأَحَدِ جَانِبِيِّ الْجَيْشِ، وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ بَعْدَ النَّفْلِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) .

(وَإِنْ أَقَامَ الْأَمِيرُ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ مَثَلًا وَبَعَثَ سَرِيَّةً فَمَا غَنِمَتْ فَهُوَ لَهَا) بَعْدَ الْخُمْسِ لِانْفِرَادِهَا بِالْغَزْوِ، وَالْمُقِيمُ بِدَارِ الْإِسْلَام لَيْسَ بِمُجَاهِدٍ (وَإِنْ أَنْفَذَ) الْإِمَامُ (جَيْشَيْنِ أَوْ سَرِيَّتَيْنِ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مُنْفَرِدَةٍ بِمَا غَنِمَتْهُ) لِانْفِرَادِهَا بِالْقِتَالِ عَلَيْهِ.

(وَإِذَا قُسِّمَتْ الْغَنِيمَةُ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَتَبَايَعُوهَا أَوْ تَبَايَعُوا غَيْرَهَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهَا الْعَدُوُّ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ مُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَقْبُوضٌ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَشْبَهَ سَائِرَ أَمْوَالِهِ.

(وَكَذَا لَوْ تَبَايَعُوا شَيْئًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ زَمَنَ خَوْفٍ وَنَهْبٍ، وَنَحْوِهِ) فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الْعَدُوُّ فَإِنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي.

(مَثَلًا وَلِلْإِمَامِ الْبَيْعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِمَصْلَحَةٍ) ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ أَشْبَهَ وَلِيَّ الْيَتِيمِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْغَانِمِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ (وَمَنْ وَطِئَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ قِسْمَةِ مِمَّنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ أَوْ لِوَلَدِهِ، أُدِّبَ؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ حَرَامٍ لِكَوْنِهِ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ، وَلَمْ يَبْلُغْ بِهِ الْحَدَّ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي الْغَنِيمَةِ مِلْكًا أَوْ شُبْهَةَ مِلْكٍ، فَيُدْرَأُ عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ.

(وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا يُطْرَحُ فِي الْمُقَسَّمِ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ أَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةِ الْغَيْرِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ الْمَهْرِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ كَالْمُشْتَرَكَةِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ حَقِّهِ يَعْسُرُ الْعِلْمُ بِهِ، وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ بِوَضْعِ الْمَهْرِ فِي الْغَنِيمَةِ، فَيَعُودُ إلَيْهِ حَقُّهُ (إلَّا أَنْ تَلِدَ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى الْغَانِمِينَ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهَا، وَحِينَئِذٍ تُطْرَحُ فِي الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِ (فَقَطْ) أَيْ: دُونَ مَهْرِهَا، وَقِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا حِينَ عَلَقَتْ فَلَمْ يَكُنْ لِلْغَانِمِينَ سِوَى قِيمَتُهَا (وَتَصِيرُ أُمُّ، وَلَدٍ لَهُ) ، وَلَوْ كَانَ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِيلَادٌ صَيَّرَ بَعْضَهَا أُمَّ، وَلَدٍ، فَيَجْعَلُ جَمِيعَهَا كَذَلِكَ كَاسْتِيلَادِ جَارِيَةِ ابْنِهِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْعِتْقِ لِكَوْنِهِ فِعْلًا، وَيَنْفُذُ مِنْ الْمَجْنُونِ (وَالْوَلَدِ حُرٌّ ثَابِتُ النَّسَبِ) لِلشُّبْهَةِ.

(لِلشُّبْهَةِ وَلَا يَتَزَوَّجُ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَلَدُهُ (وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ) مُفَصَّلًا (وَإِذَا أَعْتَقَ بَعْضُ الْغَانِمِينَ أَسِيرًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَأَبِيهِ، وَابْنِهِ، وَأَخِيهِ (عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ) (؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي شَرِكَةِ الْغَانِمِينَ بِاسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْهِ) أَشْبَهَ الْمَمْلُوكَ بِالْإِرْثِ.

(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ حَقِّهِ بِأَنْ زَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>