للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَكَمُعْتِقٍ شِقْصًا) مِنْ مُشْتَرَكٍ يَعْتِقُ قَدْرَ مَا يَمْلِكُهُ، وَبَاقِيهِ بِالسِّرَايَةِ إنْ كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَةِ الْبَاقِي، وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَا هُوَ مُوسِرٌ بِهِ مِنْهَا (وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ) كَالشَّرْحِ (لَا يُعْتِقُ رَجُلٌ) حُرٌّ مُقَاتِلٌ أُسِرَ بِالْإِعْتَاقِ (قَبْلَ خِيرَةِ الْإِمَامِ) ؛ لِأَنَّ الْعَبَّاسَ عَمَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَمَّ عَلِيٍّ، وَعَقِيلًا أَخَا عَلِيٍّ كَانَا فِي أَسْرَى بَدْرٍ، وَلَمْ يُعْتَقَا عَلَيْهِمَا؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ رَقِيقًا بِالِاسْتِرْقَاقِ، فَيُحْمَلُ الْكَلَامُ عَلَى مَنْ اُسْتُرِقَّ مِنْهُمْ أَوْ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْي، كَالنِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ.

(وَالصِّبْيَانُ وَيَحْرُمُ الْغُلُولُ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ) لِلْوَعِيدِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: ١٦١] (١) (وَالْغَالُّ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَهُوَ مَنْ كَتَمَ مَا غَنِمَهُ، أَوْ) كَتَمَ (بَعْضَهُ: يَجِبُ حَرْقُ رَحْلِهِ كُلِّهِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ حَرَقُوا مَتَاعَ الْغَالِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

، وَلِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِذَلِكَ» رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَالْأَثْرَمُ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ لَا الْحَدِّ الْوَاجِبِ، فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ (مَا لَمْ يَكُنْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ) ، فَلَا يُحَرَّقُ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لِغَيْرِ الْجَانِي (إذَا كَانَ) الْغَالُّ (حَيًّا) فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إحْرَاقِهِ لَمْ يُحَرَّقْ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ فَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْحُدُودِ (حُرًّا) فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا لَمْ يُحَرَّقْ رَحْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ، وَلَا يُعَاقَبُ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَاقَ عُقُوبَةٌ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا.

(أَهْلِهَا وَلَوْ) كَانَ الْغَالُّ (أُنْثَى أَوْ ذِمِّيًّا) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ، وَلِذَلِكَ يُقْطَعَانِ فِي السَّرِقَةِ، وَغَيْرُ الْمُلْتَزِمِ لِأَحْكَامِنَا لَا يُحَرَّقُ مَتَاعُهُ (إلَّا سِلَاحًا) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِتَالِ (وَمُصْحَفًا) ، وَجِلْدَهُ، وَكِيسَهُ، وَمَا يَتْبَعُهُ لِحُرْمَتِهِ (وَكُتُبَ عِلْمٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْقَصْدُ الْإِضْرَارَ بِهِ فِي دِينِهِ، بَلْ فِي بَعْضِ دُنْيَاهُ (وَحَيَوَانًا بِآلَتِهِ مِنْ سَرْجٍ، وَلِجَامٍ، وَجُلٍّ، وَرَحْلٍ، وَنَحْوِهِ، وَعَلَفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاج إلَيْهِ، وَلِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَذِّبَ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّهَا (وَثِيَابُ الْغَالِّ الَّتِي عَلَيْهِ) ، فَلَا تُحْرَقُ تَبَعًا لَهُ.

(وَنَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُحْرَقُ عَادَةً (وَسَهْمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَحْلِهِ حَالَ الْغُلُولِ (وَمَا غَلَّهُ) ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَانِمِينَ (وَلَا يُحْرَمُ) الْغَالُّ (سَهْمَهُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ مَوْجُودٌ، فَيَسْتَحِقُّ كَمَا لَوْ لَمْ يَغُلَّ، وَلَمْ يَثْبُتْ حِرْمَانُ سَهْمِهِ فِي خَبَرٍ، وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قِيَاسٌ، فَبَقِيَ بِحَالِهِ (وَمَا لَمْ تَأْكُلْهُ النَّارُ) كَالْحَدِيدِ (أَوْ اسْتَثْنَى مِنْ التَّحْرِيقِ فَهُوَ لَهُ) أَيْ: الْغَالِّ.

(وَيُعَزَّرُ) الْغَالُّ (مَعَ ذَلِكَ بِالضَّرْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>