للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَسِيرُ (عَلَى مِلْكِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إبَاحَةُ دَمِ الْحَرْبِيِّ.

(وَمَنْ طَلَبَ الْأَمَانَ لِيَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ وَيَعْرِفْ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ لَزِمَ إجَابَتُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلَى مَأْمَنِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦] قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ هِيَ إلَى يَوْم الْقِيَامَةِ.

(وَإِذَا أَمَّنَهُ) مَنْ يَصِحُّ أَمَانُهُ (سَرَى) الْأَمَانُ (إلَى مَنْ مَعَهُ) أَيْ: الْمُؤَمَّنُ (مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ إلَّا أَنْ يَقُولَ) مُؤَمِّنُهُ (أَمَّنْتُك وَحْدَكَ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْأَمَانِ فَيَخْتَصُّ بِهِ.

(وَمَنْ أَعْطَى أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا فَفَتَحَهُ) وَاشْتَبَهَ (أَوْ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ) قَبْلَ الْفَتْحِ (ثُمَّ ادَّعَوْهُ) أَيْ: ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الَّذِي أَعْطَى الْأَمَانَ أَوْ أَنَّهُ الَّذِي أَسْلَمَ قَبْلُ (وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا) الَّذِي أَمَّنَّاهُ أَوْ كَانَ أَسْلَمَ (فِيهِمْ حَرُمَ قَتْلُهُمْ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُحْتَمَلُ صِدْقُهُ وَاشْتَبَهَ الْمُبَاحُ بِالْمُحَرَّمِ فِيمَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فَوَجَبَ تَغْلِيبُ التَّحْرِيمِ، كَمَا لَوْ اشْتَبَهَ زَانٍ مُحْصَنٍ بِمَعْصُومَيْنِ (وَ) حَرُمَ (اسْتِرْقَاقُهُمْ) ؛ لِأَنَّ اسْتِرْقَاقَ مَنْ لَا يَحِلُّ اسْتِرْقَاقُهُ مُحَرَّمٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّه مِثْلُهُ لَوْ نَسِيَ، أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ فَلَا قَوَدَ وَفِي التَّسْوِيَةِ بِقُرْعَةٍ الْخِلَافُ.

(وَإِنْ قَالَ) كَافِرٌ (كُفَّ عَنِّي حَتَّى أَدُلَّك عَلَى كَذَا، فَبَعَثَ مَعَهُ قَوْمًا لِيَدُلَّهُمْ فَامْتَنَعَ مِنْ الدَّلَالَةِ فَلَهُمْ ضَرْبُ عُنُقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَمَانِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ وَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ.

(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ إذَا لَقِيَ عِلْجًا فَطَلَبَ مِنْهُ الْأَمَانَ فَلَا يُؤَمِّنُهُ لِأَنَّهُ يَخَافُ شَرَّهُ) وَشَرْطُ الْأَمَانِ أَمْنُ شَرِّهِ.

(وَإِنْ كَانُوا سَرِيَّةً فَلَهُمْ أَمَانُهُ) لِأَمْنِهِمْ شَرَّهُ (وَإِنْ لَقِيَتْ السُّرِّيَّةُ أَعْلَاجًا فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ جَاءُوا مُسْتَأْنِسِينَ قُبِلَ مِنْهُمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ سِلَاحٌ) ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِمْ.

(وَيَجُوزُ عَقْدُهُ) أَيْ: الْأَمَانِ (لِرَسُولٍ وَمُسْتَأْمَنٍ) أَيْ: طَالِبِ الْأَمَانِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ «جَاءَ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَابْنُ أُثَالٍ رَسُولَا مُسَيْلِمَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا: أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَا إنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا رَسُولًا لَقَتَلْتُكُمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَمَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَبِي دَاوُد نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ إذْ لَوْ قُتِلَ لَفَاتَتْ مَصْلَحَةُ الْمُرَاسَلَةِ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَظَاهِرُهُ جَوَازُ عَقْدِ الْأَمَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا بِمُدَّةٍ قَصِيرَةٍ وَطَوِيلَةٍ، بِخِلَافِ الْهُدْنَةِ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا مُقَيَّدَةً؛ لِأَنَّ فِي جَوَازِهَا مُطْلَقًا تَرْكًا لِلْجِهَادِ.

(وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>