وَإِنْ زَالَ فِي الْمَتْبُوعِ كَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَوْتِهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ بَاقٍ وَيَأْتِي فِي آخِرِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ: أَنَّ مَالَ الذِّمِّيِّ إذَا انْتَقَضَ عَهْدُهُ فَيْءٌ.
وَفِي الْإِنْصَافِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ انْتَهَى قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُنْتَقَضُ فِي مَالِ الذِّمِّيِّ دُونَ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ ثَبَتَ فِي مَالِ الْحَرْبِيِّ بِدُخُولِهِ مَعَهُ فَإِنَّ الْأَمَانَ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْأَصَالَةِ كَمَا لَوْ بَعْثَهُ مَعَ وَكِيلٍ أَوْ مُضَارِبٍ، بِخِلَافِ مَالِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ تَبَعًا؛ لِأَنَّهُ مُكْتَسَبٌ بَعْدَ عَقْدِ ذِمَّتِهِ (فَيَبْعَثُ بِهِ) أَيْ: بِمَالِ الْمُعَاهِدِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْأَوَّلِ (إلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ.
(وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ) الْمُسْتَأْمَنُ أَوْ الذِّمِّيُّ بَعْدَ نَقْضِهِ الْعَهْدَ (بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا) كَشَرِكَةٍ وَإِجَارَةٍ (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ (وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ) كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ، وَاخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَمَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ (وَإِنْ عَدِمَ) وَارِثَهُ (فَ) هُوَ (فَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَالُ كَافِرٍ لَا مُسْتَحِقَّ لَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ بِدَارِنَا.
(وَإِنْ كَانَ الْمَالُ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ مَنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُسْتَوْطِنًا أَوْ مُحَارِبًا (انْتَقَضَ الْأَمَانُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَالِ (كَ) مَا يُنْتَقَضُ الْأَمَانُ فِي (نَفْسِهِ) لِوُجُودِ الْمُبْطِلِ فِيهِمَا.
(وَإِنْ أُسِرَ الْمُسْتَأْمَنُ وَاسْتُرِقَّ وُقِفَ مَالُهُ فَإِنَّ عَتَقَ أَخَذَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لِمَالِكٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ سَبَبُ الِانْتِقَالِ فَيُوقَفُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ السَّبَبُ (وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَفَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُورَثُ، وَإِنْ لَمْ يُسْتَرَقَّ بَلْ مَنَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَوْ فَوُدِيَ بِمَالٍ فَمَالُهُ لَهُ وَإِنْ قَتَلَهُ فَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ.
(وَإِنْ أَخَذَ مُسْلِمٌ مِنْ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَالًا مُضَارَبَةً أَوْ وَدِيعَةً وَدَخَلَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ فَهُوَ) أَيْ: الْمَالُ (فِي أَمَانٍ) بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ.
(وَإِنْ أَخَذَهُ) أَيْ: أَخَذَ الْمُسْلِمُ مَالَ حَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْحَرْبِ (بِبَيْعٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ قَرْضٍ فَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ) بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ) لِعُمُومِ " أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مِنْ ائْتَمَنَكَ ".
(وَإِنْ اقْتَرَضَ حَرْبِيٌّ مِنْ حَرْبِيٍّ مَالًا ثُمَّ دَخَلَ إلَيْنَا فَأَسْلَمَ فَعَلَيْهِ رَدُّ الْبَدَلِ) لِاسْتِقْرَارِهِ فِي ذِمَّتِهِ (كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ حَرْبِيَّةً ثُمَّ أَسْلَمَ لَزِمَهُ رَدُّ مَهْرِهَا) إلَيْهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا.
(وَإِذَا سَرَقَ الْمُسْتَأْمَنُ فِي دَارِنَا أَوْ قَتَلَ أَوْ غَصَبَ) أَوْ لَزِمَهُ مَالٌ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ (ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا مَرَّةً ثَانِيَةً اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ مَا لَزِمَهُ فِي أَمَانَةِ الْأَوَّلِ) لِاسْتِقْرَارِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُسْتَأْمَنُ (عَبْدًا مُسْلِمًا فَخَرَجَ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرِبِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْعَبْدِ (لَمْ يَغْنَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لِكَوْنِ الشِّرَاءِ بَاطِلًا) فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ مِنْ انْتِقَالِ الْمِلْكِ.
(وَيُرَدُّ) الْعَبْدُ (إلَى بَائِعِهِ وَيَرُدُّ بَائِعُهُ الثَّمَنَ إلَى الْحَرْبِيِّ) إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبَدَلَهُ إنْ كَانَ تَالِفًا،؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ (فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ تَالِفًا فَعَلَى الْحَرْبِيِّ قِيمَتُهُ)