للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ كَانَ) الْفَقِيرُ (مُعْتَمَلًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ) الْجِزْيَةُ لِمَا سَبَقَ.

(وَمَنْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ أَوْ اسْتَغْنَى مِمَّنْ تُعْقَدُ لَهُ الْجِزْيَةُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ عَقْدٍ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ تَجْدِيدَهُ لِمَنْ ذُكِرَ، وَلِأَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ مَعَ سَادَتِهِمْ، فَيَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُهُمْ.

(وَتُؤْخَذُ) مِنْهُ الْجِزْيَةُ (فِي آخِرِ الْحَوْلِ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ) مِنْهُ فَإِنْ كَانَ فِي نِصْفِهِ فَنِصْفُهَا، وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ مِنْ حِينِ وَجَدَ سَبَبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إفْرَادِهِ بِحَوْلٍ وَضَبْطُ كُلِّ إنْسَانٍ بِحَوْلٍ يَشُقُّ وَيَتَعَذَّرُ وَمِثْلُهُمْ مَنْ عَتَقَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ.

(وَمَنْ كَانَ) مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ (يُجَنُّ) تَارَةً (وَيُفِيقُ) أُخْرَى (لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ فَإِذَا بَلَغَتْ) إفَاقَتُهُ (حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ) الْجِزْيَةُ؛ لِأَنَّ حَوْلَهُ لَا يَكْمُلُ إلَّا حِينَئِذٍ.

(وَإِنْ كَانَ فِي الْحِصْنِ نِسَاءٌ أَوْ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ) كَالْأَعْمَى وَالشُّيُوخِ (فَطَلَبُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ أُجِيبُوا إلَيْهَا) فَيُعْقَدُ لَهُمْ الْأَمَانُ (وَإِنْ طَلَبُوا عَقْدَهَا) أَيْ: الذِّمَّةِ (بِجِزْيَةٍ أُخْبِرُوا أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ) لِيَنْكَشِفَ لَهُمْ الْأَمْرُ (وَإِنْ تَبَرَّعُوا بِهَا، كَانَتْ هِبَةً) لَا جِزْيَةً فَلَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَ (مَتَى امْتَنَعُوا مِنْهَا لَمْ يُجْبَرُوا) عَلَيْهَا لِعَدَمِ اللُّزُومِ.

(وَإِنْ بَذَلَتْهَا) أَيْ: الْجِزْيَةَ (امْرَأَةٌ لِدُخُولِ دَارِنَا مُكِّنَتْ مَجَّانًا) أَيْ: بِلَا شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْ شَيْئًا رُدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ مَنْ أَدَّى شَيْئًا يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى آخِذِهِ لِفَسَادِ الْقَبْضِ (إلَّا إنْ تَتَبَرَّعَ بِهِ) أَيْ: بِمَا تَدْفَعُهُ (بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا) فَتَكُونُ هِبَةً لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِنْ شَرَطَتْ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَلَهَا ذَلِكَ (لَكِنْ يَشْتَرِطُ) الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (عَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَتْ دُخُولَ دَارِنَا (الْتِزَامَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ) كَمَا يَشْتَرِطُهُ عَلَى الْمُقَاتِلَةِ (وَيَعْقِدُ لَهَا الذِّمَّةَ) بَعْدَ إجَابَتِهَا لِذَلِكَ.

(وَمَرْجِعُ جِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ: إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَتَقَدَّمَ) فِي الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ.

(وَعَنْهُ) يَرْجِعُ فِيهِمَا (إلَى مَا ضَرَبَهُ عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فَيَجِبُ أَنْ يَقْسِمَهُ) أَيْ: مَالَ الْجِزْيَةِ (الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ، فَيَجْعَلُ عَلَى الْمُوسِرِ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ) دِرْهَمًا.

(وَعَلَى الْأَدْوَنِ اثْنَا عَشْرَ) دِرْهَمًا لِفَعْلِ عُمَرَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذٍ «خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا» بِأَنَّ الْفَقْرَ كَانَ فِي أَهْلِ الْيَمَنِ أَغْلَبُ لِذَلِكَ قِيلَ لِمُجَاهِدٍ مَا شَأْنُ أَهْلِ الشَّامِ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَأَهْلُ الْيَمَنِ عَلَيْهِمْ دِينَارٌ قَالَ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْيَسَارِ " وَبِأَنَّ الْجِزْيَةَ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَلَيْسَ التَّقْدِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>