للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ لَا مِنْ نَفْسِ الْمَسْجِدِ وَإِنَّمَا مَنَعَ مِنْهُ دُونَ الْحِجَازِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَمَاكِنِ الْعِبَادَاتِ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَعْظَمُهَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ النُّسُكِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ مِنْهُ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَظَاهِرُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ أُذِنَ لَهُ أَوْ لَا، لِإِقَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(وَلَوْ) كَانَ الْكَافِرُ (غَيْرَ مُكَلَّفٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ وَ (لَا) يُمْنَعُونَ دُخُولَ (حَرَمِ الْمَدِينَةَ) لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ وَالْيَهُودُ بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يُمْنَعُوا مِنْ الْإِقَامَةِ بِهَا.

(فَإِنْ قَدِمَ رَسُولٌ) مِنْ الْكُفَّارِ (لَا بُدَّ لَهُ مِنْ لِقَاءِ الْإِمَامِ وَهُوَ) أَيْ الْإِمَامُ (بِهِ) أَيْ: بِالْحَرَمِ الْمَكِّيّ (خَرَجَ) الْإِمَامُ إلَيْهِ.

(وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ) فِي الدُّخُولِ لِعُمُومِ الْآيَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ تِجَارَةٌ أَوْ مِيرَةٌ خَرَجَ إلَيْهِ مِنْ يَشْتَرِي مِنْهُ وَلَمْ يُمَكَّنْ مِنْ الدُّخُولِ لِلْآيَةِ.

(فَإِنْ دَخَلَ) الْكَافِرُ الْحَرَمَ رَسُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَالِمًا عُزِّرَ) لِإِتْيَانِهِ مُحَرَّمًا.

(وَأُخْرِجَ) مِنْ الْحَرَمِ (وَيُنْهَى الْجَاهِلُ) عَنْ الْعَوْدِ لِمِثْلِ ذَلِكَ (وَيُهَدَّدُ وَيَخْرُجُ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ) وَلَا يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ بِالْجَهْلِ (فَإِنْ مَرِضَ) بِالْحَرَمِ (أَوْ مَاتَ) بِهِ (أُخْرِجَ) مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ إخْرَاجُهُ حَيًّا فَإِخْرَاجُ جِيفَتِهِ أَوْلَى وَإِنَّمَا جَازَ دَفْنُهُ بِالْحِجَازِ سِوَى حَرَمِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ سَهْلٌ مُمْكِنٌ، لِقُرْبِ الْحِلِّ مِنْهُ، وَخُرُوجُهُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ وَهُوَ مَرِيضٌ، أَوْ مَيِّتٌ صَعْبٌ مُشِقٌّ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ (وَإِنْ دُفِنَ) بِالْحَرَمِ (نُبِشَ) وَأُخْرِجَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ) فَيُتْرَكُ وَكَذَا لَوْ تَصَعَّبَ خُرُوجُهُ لِنَتَنِهِ وَتَقَطُّعِهِ، لِلْمَشَقَّةِ فِي إخْرَاجِهِ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.

(وَإِنْ صَالَحَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ بِعِوَضٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ يُحِلُّ حَرَامًا (فَإِنْ دَخَلُوا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ لَمْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ الْعِوَضُ) لِئَلَّا يَجْمَعُوا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ الْعِوَضُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ مَا اسْتَوْفَوْهُ لَا قِيمَةَ لَهُ وَالْعَقْدُ لَمْ يُوجِبْ الْعِوَضَ، لِبُطْلَانِهِ (وَإِنْ دَخَلُوا إلَى بَعْضِهِ) أَيْ: بَعْضِ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ (أُخِذَ مِنْ الْعِوَضِ بِقَدْرِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ مَا سَبَقَ.

(وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْإِقَامَةِ بِالْحِجَازِ وَهُوَ الْحَاجِزُ بَيْنَ تِهَامَةَ) بِكَسْرِ التَّاء وَهِيَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا نَزَلَ عَنْ نَجْدٍ مِنْ بِلَادِ الْحِجَازِ؛ وَمَكَّةُ مِنْ تِهَامَةَ سُمِّيَتْ تِهَامَةَ مِنْ التَّهَمِ - بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْهَاءِ - وَهُوَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَرُكُودُ الرِّيحِ ذَكَرَهُ فِي حَاشِيَتِهِ (وَنَجْدٌ) وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَعِبَارَةُ الْمُبْدِعِ: قِيلَ هُوَ، يَعْنِي الْحِجَازَ مَا بَيْنَ الْيَمَامَةَ وَالْعَرُوضِ، وَبَيْنَ الْيَمَنِ وَنَجْدٍ (كَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>