وَيَنْبُعَ وَفَدَكِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ.
(وَمَا وَالَاهَا مِنْ قُرَاهَا قَالَ الشَّيْخُ مِنْهُ تَبُوكُ وَنَحْوُهَا وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَيْ وَهُوَ عَقَبَةُ صُوَانٍ مِنْ الشَّامِ كَعَمَّانَ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ: مَا رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ «أَنَّ آخِرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
وَقَالَ عُمَرُ " سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَا أَتْرُكُ فِيهِمَا إلَّا مُسْلِمًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ قَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْمُرَادُ: الْحِجَازُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ أَخْرَجَ أَحَدًا مِنْ الْيَمَنِ وَتَيْمَاءَ قَالَ أَحْمَدُ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا يَعْنِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْ سُكْنَى الْكُفَّارِ بِهِ: الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَخَيْبَرُ وَيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا.
(وَلَيْسَ لَهُمْ دُخُولُهُ) أَيْ الْحِجَازِ (إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ) كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ لَا يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَكَذَلِكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَا يَدْخُلُونَ أَرْضَ الْحِجَازِ إلَّا بِإِذْنِهِ.
(وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِمَنْعِهِمْ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَبَرِ (وَحَدُّ الْجَزِيرَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ) الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ مِنْ عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ وَالرِّيفُ أَرْضٌ فِيهَا زَرْعٌ وَخِصْبٌ وَالْجَمْعُ أَرْيَافٌ.
قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (طُولًا وَمِنْ تِهَامَةَ إلَى مَا وَرَاءَهَا إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ) عَرْضًا قَالَ الْخَلِيلُ إنَّمَا قِيلَ لَهَا جَزِيرَةٌ؛ لِأَنَّ بَحْرَ الْحَبَشَةِ وَبَحْرَ فَارِسَ وَالْفُرَاتِ أَحَاطَتْ بِهَا، وَنُسِبَتْ إلَى الْعَرَبِ لِأَنَّهَا أَرْضُهَا وَمَسْكَنُهَا وَمَعْدِنُهَا (فَإِنْ دَخَلُوا الْحِجَازَ لِتِجَارَةٍ) أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يُقِيمُوا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِمَنْ دَخَلَ تَاجِرًا فِي إقَامَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ فِي الزَّائِدِ (وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَ (فِي مَوْضِعٍ آخَرَ) مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ.
(وَكَذَا) لَهُ أَنْ يُقِيمَ ثَلَاثَةً فَمَا دُونَ (فِي) مَوْضِعٍ (ثَالِثٍ، وَ) مَوْضِعٍ (رَابِعٍ) وَهَكَذَا (فَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ) مِنْ الْحِجَازِ (عُزِّرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ) أَيْ: فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ الدَّاخِلِينَ أَرْضَ الْحِجَازِ لِتِجَارَةٍ (مَنْ لَهُ دَيْنٌ) حَالٌّ (أُجْبِرَ غَرِيمُهُ عَلَى وَفَائِهِ) لِيَخْرُجَ (فَإِنْ تَعَذَّرَ جَازَتْ الْإِقَامَةُ لِاسْتِيفَائِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَفِي إخْرَاجِهِمْ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ ذَهَابُ أَمْوَالِهِمْ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَذُّرُ لِمَطْلٍ أَوْ تَغَيُّبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.
(وَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مُؤَجَّلًا لَمْ يُمَكَّنْ) مِنْ الْإِقَامَةِ حَتَّى يَحِلَّ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً لِلْإِقَامَةِ (وَيُوَكِّلُ) مَنْ يَسْتَوْفِيهِ لَهُ إذَا حَلَّ.
(وَإِنْ مَرِضَ) مَنْ دَخَلَ الْحِجَازَ مِنْهُمْ (جَازَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute