إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا، لِوُجُودِ يَقِينِ الْحَدَثِ فِي إحْدَى الْمَرَّتَيْنِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ؛ لِأَنَّ وُجُودَ يَقِينِ الطَّهَارَةِ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى مَشْكُوكٌ فِيهِ: هَلْ كَانَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَلَا يَرْتَفِعُ يَقِينُ الْحَدَثِ بِالشَّكِّ فِي رَافِعِهِ وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ طَهَارَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ أَوْ مُسْتَصْحَبَةٍ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ الْوُضُوءُ (وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا: رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لِطَهَارَةٍ) بِأَنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ تَطَهَّرَ عَنْ حَدَثٍ وَأَنَّهُ أَحْدَثَ عَنْ طَهَارَةٍ (وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا، فَعَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ نَقَضَ الطَّهَارَةَ الْأُولَى ثُمَّ تَوَضَّأَ، إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوُضُوءُ مَعَ بَقَاءِ الطَّهَارَةِ الْأُولَى لِتَيَقُّنِ كَوْنِ طَهَارَتِهِ عَنْ حَدَثٍ وَنَقْضُ هَذَا الْوُضُوءِ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يَزُولُ بِهِ الْيَقِينُ وَإِنْ تَيَقَّنَ حَدَثَهُ قَبْلَهُمَا: فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ عَنْهُ إلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ عَنْهَا وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بَعْدَ الْحَدَثِ الثَّانِي طَهَارَةً.
(وَكَذَا لَوْ تَيَقَّنَهُمَا) أَيْ: فِعْلَ الطَّهَارَةِ وَفِعْلَ الْحَدَثِ (وَعَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا سَقَطَ الْيَقِينُ لِتَعَارُضِهِ) وَكَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ طَهَارَةٍ (فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا) أَيْ: حَالَ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ، بِأَنْ لَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ رَافِعَةً لِحَدَثٍ أَوْ لَا كَالتَّجْدِيدِ، وَلَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ أَوْ عَنْ طَهَارَةٍ.
(وَ) جَهِلَ (أَسْبَقَهُمَا) فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، (أَوْ تَيَقَّنَ حَدَثًا) أَيْ: اتِّصَافَهُ بِالْحَدَثِ (وَفَعَلَ طَهَارَةً فَقَطْ) وَلَمْ يَدْرِ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ لَا (فَعَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا) أَيْ: قَبْلَ التَّيَقُّنَيْنِ وَكَذَا لَوْ تَيَقَّنَ حَالَةَ طَهَارَةٍ وَفِعْلَ حَدَثٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا تَيَقَّنَهُ مِنْ حَالَتَيْ الْحَدَثِ أَوْ الطَّهَارَةِ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ ضِدَّ ذَلِكَ هُوَ الطَّارِئُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَ التَّيَقُّنَيْنِ.
(وَإِنْ تَيَقَّنَ حَدَثًا نَاقِضًا) لِطَهَارَةٍ (وَ) تَيَقَّنَ (فِعْلَ طَهَارَةٍ جَهِلَ حَالَهَا) مِنْ كَوْنِهَا رَافِعَةً لِحَدَثٍ أَوْ لَا (فَمُحْدِثٌ، عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ) سَوَاءٌ كَانَ مُتَطَهِّرًا قَبْلَهُمَا، أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جَهِلَ (قَبْلَهُمَا) لِتَيَقُّنِهِ نَقْضَ الطَّهَارَةِ بِالْحَدَثِ وَشَكِّهِ فِي وُجُودِهَا بَعْدَهُ (وَعَكْسُ هَذِهِ الصُّورَةِ) فِي التَّصْوِيرِ.
وَهُوَ مَا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنْ حَدَثٍ وَلَمْ يَدْرِ الْحَدَثَ: عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ لَا (بِعَكْسِهَا) فِي الْحُكْمِ فَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُطْلَقًا، لِتَيَقُّنِهِ وَرَفْعِ الْحَدَثِ بِالطَّهَارَةِ، وَشَكِّهِ فِي وُجُودِهِ بَعْدَهَا (وَيَأْتِي إذَا سُمِعَ صَوْتٌ أَوْ شُمَّ رِيحٌ) بِبِنَاءِ الْفِعْلَيْنِ لِلْمَفْعُولِ (مِنْ أَحَدِهِمَا) لَا بِعَيْنِهِ، فِي أَوَائِلِ بَابِ الْغُسْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute