شَيْءٍ يَصِحُّ بَيْعُهُ (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) وَهِيَ وَصْفٌ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامُ (مُؤَجَّلٌ) أَيْ الْمَوْصُوفُ (بِثَمَنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَقْدٍ (مَقْبُوضٍ) أَيْ الثَّمَنِ (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ قَبْضَ الثَّمَنِ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِهِ لَا إنَّهُ دَاخِلٌ فِي حَقِيقَتِهِ فَالْأَوْلَى: أَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَدَلِيلُهُ مِنْ الْكِتَابِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] وَمِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهِ.
(وَيُشْتَرَطُ لَهُ) أَيْ السَّلَمِ (مَا يُشْتَرَطُ لِلْبَيْعِ) لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ (إلَّا أَنَّهُ) أَيْ السَّلَمَ لَا (يَجُوزُ) إلَّا (فِي الْمَعْدُومِ) لِمَا يَأْتِي بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمَوْجُودِ وَفِي الْمَعْدُومِ بِالصِّفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْدُومِ هُنَا: الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ جِنْسُهُ مَوْجُودًا.
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (بِلَفْظِ بَيْعٍ) كَابْتَعْتُ مِنْكَ قَمْحًا صِفَتُهُ كَذَا وَكَيْلُهُ كَذَا إلَى كَذَا لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ.
(وَ) يَصِحُّ أَيْضًا بِلَفْظِ (سَلَمٍ وَسَلَفٍ) لِأَنَّهُ مَا حَقِيقَةٌ فِيهِ (وَ) يَصِحُّ أَيْضًا (بِكُلِّ مَا يَصِحُّ بِهِ الْبَيْعُ) كَتَمَلَّكْتُ، وَاتَّهَبْتُ وَنَحْوِهِ (وَلَا يَصِحُّ) السَّلَمُ (إلَّا بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ) تَأْتِي مُفَصَّلَةً.
(أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ) السَّلَمُ (فِيمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ) لِأَنَّ مَا لَا تَنْضَبِطُ صِفَاتُهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمَطْلُوبُ عَدَمُهَا، بِأَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (مِنْ الْمَكِيلِ مِنْ حُبُوبٍ وَغَيْرِهَا) كَأَدْهَانٍ وَأَلْبَانٍ (وَالْمَوْزُونُ مِنْ الْأَخْبَازِ وَاللُّحُومِ النِّيئَةِ، وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ) لِأَنَّهُ كَنَوَى فِي التَّمْرِ (إنْ عُيِّنَ مَوْضِعُ الْقَطْعِ، كَلَحْمِ فَخِذٍ وَجَنْبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ لَمْ يَصِحَّ السَّلَمُ فِيهِ بِعَظْمِهِ، لِاخْتِلَافِهِ.
(وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ) إذَا أَسْلَمَ فِي لَحْمِ (بَقَرٍ) أَوْ جَوَامِيسَ (أَوْ غَنَمٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُمَا، كَمَا يَأْتِي فِي نَظَائِرِهِ (أَوْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ جَذَعٍ أَوْ أُنْثَى) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (خَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ رَضِيعٍ أَوْ فَطِيمٍ، مَعْلُوفَةٍ، أَوْ رَاعِيَةٍ أَوْ سَمِينٍ أَوْ هَزِيلٍ) لِأَنَّ الثَّمَنَ يَخْتَلِفُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَاعْتُبِرَ بَيَانُهَا.
(وَيَلْزَمُ) الْمُسْلِمَ إذَا أَسْلَمَ فِي اللَّحْمِ وَأَطْلَقَ (قَبُولُ اللَّحْمِ بِعِظَامِهِ) لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِهَا اتِّصَالُ خِلْقَةٍ (كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ) .
(فَإِنْ كَانَ السَّلَمُ فِي لَحْمِ طَيْرٍ لَمْ يَحْتَجْ) فِي الْوَصْفِ (إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute