لِلْمُقْتَرَضِ (الْقِيمَةُ) عَنْ الْفُلُوسِ وَالْمُكَسَّرَةِ فِي هَذِهِ الْحَالِ (وَقْتَ قَرْضٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ اسْتَهْلَكَهَا، وَسَوَاءٌ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْمَغْشُوشَةُ إذَا حَرَّمَهَا السُّلْطَانُ كَذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْفُلُوسَ إنْ لَمْ يُحَرِّمْهَا وَجَبَ رَدُّ مِثْلِهَا، غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ، أَوْ كَسَدَتْ وَتَكُونُ قِيمَةُ ذَلِكَ (مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَرَى فِيهِ رِبَا فَضْلٍ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ مَكْسُورَةً فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ أَعْطَى قِيمَتَهَا ذَهَبًا) حَذَرًا مِنْ رِبَا الْفَضْلِ (وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ) .
فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَنَانِيرَ مَكْسُورَةً فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ أَعْطَى قِيمَتَهَا فِضَّةً (وَكَذَا) فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (لَوْ كَانَتْ) الْفُلُوسُ أَوْ الْمُكَسَّرَةُ الَّتِي حَرَّمَهَا السُّلْطَانُ (ثَمَنًا مُعَيَّنًا) فِي عَقْدِ بَيْعٍ (لَمْ يَقْبِضْهُ) الْبَائِعُ (فِي) وَقْتِ عَقْدٍ عَلَى (مَبِيعٍ) حَتَّى حَرَّمَهَا السُّلْطَانُ (أَوْ رَدَّ) الْمُشْتَرِي (مَبِيعًا) لِعَيْبٍ، أَوْ خِيَارِ مَجْلِسٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَدْلِيسٍ أَوْ غَبْنٍ.
(وَرَامَ أَخْذَ ثَمَنِهِ) وَكَانَ فُلُوسًا أَوْ مُكَسَّرَةً، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ فَلَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ عُقِدَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَرَى بَيْنَهُمَا رِبَا فَضْلٍ، وَكَذَا سَائِرُ الدُّيُونِ، كَعِوَضِ خُلْعٍ وَعِتْقٍ وَمُتْلَفٍ مِنْ غَصْبٍ وَنَحْوِهِ وَأُجْرَةٍ وَنَحْوِهَا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْمُقْرِضُ بِبَلَدِ الْمُطَالَبَةِ تَحْرُمُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ فِي سِيرَةِ السُّلْطَانِ فَالْوَاجِبُ عَلَى أَصْلِنَا: الْقِيمَةُ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَسَادِ؛ لِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ، إذْ الضَّابِطُ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ كَانَ ثَمَنًا فَصَارَ غَيْرَ ثَمَنٍ.
(وَيَجِبُ) عَلَى الْمُقْتَرِضِ (رَدُّ مِثْلٍ فِي) قَرْضِ (مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لَا صِنَاعَةَ فِيهِ مُبَاحَةً قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا لِأَنَّهُ يُضْمَنُ فِي الْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ بِمِثْلِهِ فَكَذَا هُنَا، مَعَ أَنَّ الْمِثْلَ أَقْرَبُ شَبَهًا بِالْقَرْضِ مِنْ الْقِيمَةِ (سَوَاءٌ زَادَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ: الْمِثْلِ (عَنْ وَقْتِ الْقَرْضِ أَوْ نَقَصَتْ) قِيمَتُهُ عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ أَعْوَزَ الْمِثْلُ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ عَوِزَ الشَّيْءُ عَوَزًا مِنْ بَابِ عَزَّ، فَلَمْ يُوجَدْ، وَأَعْوَزَنِي الْمَطْلُوبُ مِثْلُ أَعْجَزَنِي لَفْظًا وَمَعْنًى (لَزِمَ) الْمُقْتَرِضَ (قِيمَتُهُ) أَيْ: الْمِثْلِ (يَوْمَ إعْوَازِهِ) ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ ثَبَتَتْ فِي الذِّمَّةِ.
(وَ) يَجِبُ عَلَى الْمُقْتَرِضِ رَدُّ (قِيمَةِ مَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ: الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ كَالْغَصْبِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ أَنْ يَجُوزَ رَدُّ الْمِثْلِ بِتَرَاضِيهِمَا انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا.
وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ (مِنْ جَوَاهِرَ وَغَيْرِهَا) مِمَّا لَا يَنْضَبِطُ بِالصِّفَةِ (يَوْمَ قَبْضِهِ) ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ بِاعْتِبَارِ قِلَّةِ الرَّاغِبِ وَكَثْرَتِهِ فَتَنْقُصُ فَيَنْضَرُّ الْمُقْتَرِضُ، وَتَزِيدُ زِيَادَةً كَثِيرَةً فَيَنْضَرُّ الْمُقْرِضُ، وَقِيمَةُ مَا سِوَى ذَلِكَ يَوْمَ الْقَرْضِ، كَمَا فِي التَّنْقِيحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute