للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْإِنْصَافِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ.

(وَلَوْ اقْتَرَضَ خُبْزًا) عَدَدًا (أَوْ) اقْتَرَضَ (خَمِيرًا عَدَدًا أَوْ رَدَّ) خُبْزًا أَوْ خَمِيرًا عَدَدًا (بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ وَلَا) قَصْدِ (جَوْدَةٍ وَلَا شَرْطِهِمَا جَازَ) ذَلِكَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْجِيرَانُ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ، وَيَرُدُّونَ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا فَقَالَ -: لَا بَأْسَ، إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ مَرَافِقَ النَّاسِ لَا يُرَادُ بِهِ الْفَضْلُ» ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي بِإِسْنَادِهِ؛ وَلِأَنَّهُ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَإِنْ قَصَدَ الزِّيَادَةَ وَالْجَوْدَةَ أَوْ شَرَطَهُمَا حَرُمَ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ نَفْعًا.

(وَلَوْ اقْتَرَضَ تَفَارِيقَ لَزِمَهُ) أَيْ: الْمُقْتَرِضَ (أَنْ يَرُدَّهَا جُمْلَةً) بِطَلَبِ رَبِّهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ حَالٌ.

(وَيَصِحُّ قَرْضُ الْمَاءِ كَيْلًا) كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَكِيلَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَائِعٍ مَكِيلٌ كَمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا) يَجُوزُ (قَرْضُهُ) أَيْ: الْمَاءِ (لِسَقْيِ الْأَرْضِ إذَا قُدِّرَ) الْمَاءُ (بِأُنْبُوبَةٍ أَوْ نَحْوِهَا) مِمَّا يُتَّخَذُ مِنْ فَخَّارٍ، أَوْ رَصَاصٍ وَنَحْوِهِ عَلَى هَيْئَتِهَا.

(وَسُئِلَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ عَنْ عَيْنِ) مَاءٍ (بَيْنَ قَوْمٍ لَهُمْ نَوْبَاتٌ فِي أَيَّامٍ يَقْتَرِضُ) أَحَدُهُمْ (الْمَاءَ مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبِ) يَوْمِ (الْخَمِيسِ لِيَسْقِيَ بِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ نَوْبَتَهُ فِي يَوْمَ السَّبْتِ؟ فَقَالَ) الْإِمَامُ: (إذَا كَانَ) الْمَاءُ (مَحْدُودًا يُعْرَفُ كَمْ يَخْرُجُ؟ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَدِّ الْمِثْلِ.

(وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَحْدُودًا يُعْرَفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ) (أَكْرَهُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّ مِثْلِهِ؛ لَعَلَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّ الْمَاءَ الْبَعِيدَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، بَلْ رَبُّهَا أَحَقُّ بِهِ كَمَا سَبَقَ.

(وَيَثْبُتُ الْعِوَضُ) عَنْ الْقَرْضِ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ (حَالًا وَإِنْ أَجَّلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ مُنِعَ فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ فَمُنِعَ الْأَجَلُ فِيهِ كَالصَّرْفِ، إذْ الْحَالُ لَا يَتَأَجَّلُ بِالتَّأْجِيلِ وَهُوَ عِدَةُ تَبَرُّعٍ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ قَالَ أَحْمَدُ: الْقَرْضُ حَالٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ (وَيَحْرُمُ الْإِلْزَامُ بِتَأْجِيلِهِ) (أَيْ: الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ بِمَا لَا يَلْزَمُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: يَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ وَكَذَا كُلُّ دَيْنٍ حَالٍ) (أَوْ) كَانَ مُؤَجَّلًا (حَلَّ أَجَلُهُ) لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ يَحْرُمُ الْإِلْزَامُ بِهِ.

(وَلَا يَلْزَمُ) الْمُقْرِضَ (الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ: بِالتَّأْجِيلِ (؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ) أَيْ: الْمُقْرِضِ (أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ) نَصًّا (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ صِحَّةَ تَأْجِيلِهِ وَلُزُومَهُ إلَى أَجَلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ) الدَّيْنُ (فَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ) كَثَمَنِ مَبِيعٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَنَحْوِهِ لِعَزْمِ حَدِيثِ «الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» .

" (وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ، وَ) شَرْطُ (الضَّمِينِ فِيهِ) أَيْ: فِي الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَقْرَضَ مِنْ يَهُودِيٍّ شَعِيرًا وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمَا جَازَ فِعْلُهُ جَازَ شَرْطُهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُرَادُ لِلتَّوَثُّقِ بِالْحَقِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>