الْقَرْضِ، وَلَا وَسِيلَةَ إلَيْهِ وَلَا إلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ قَرْضٌ (أَوْ عَلِمَ) الْمُقْرِضُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْمُقْتَرِضِ (الزِّيَادَةَ لِشُهْرَةِ سَخَائِهِ وَكَرَمِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كَانَ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْوَفَاءِ " فَهَلْ يَسُوغُ لَأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ ".
(وَلَوْ أَرَادَ إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى عِيَالِهِ فَأَقْرَضَهَا) أَيْ: النَّفَقَةَ (رَجُلًا لِيُوَفِّيَهَا لَهُمْ فَلَا بَأْسَ) بِذَلِكَ (إذَا لَمْ يَأْخُذْ عَلَيْهَا شَيْئًا) زَائِدًا عَنْهَا.
(وَإِنْ فَعَلَ) الْمُقْتَرِضُ شَيْئًا (مِمَّا فِيهِ نَفْعٌ) لِلْمُقْرِضِ مِنْ هَدِيَّةٍ وَنَحْوِهَا (قَبْلَ الْوَفَاءِ لَمْ يَجُزْ) كَمَا تَقَدَّمَ (مَا لَمْ يَنْوِ) الْمُقْرِضُ (احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ مُكَافَأَتَهُ عَلَيْهِ) أَيْ: مَا فَعَلَهُ مِمَّا فِيهِ نَفْعٌ فَيَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (بِهِ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْإِهْدَاءِ وَنَحْوِهِ (قَبْلَ الْقَرْضِ) فَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً بِهِ جَازَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا قَالَ: «إذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأَهْدَى إلَيْهِ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلَا يَرْكَبْهَا وَلَا يَقْبَلْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ فِيهِ كَلَامٌ.
(وَكَذَا) أَيْ: كَالْمُقْتَرَضِ فِيمَا ذَكَرَ (الْغَرِيمُ) أَيْ: كُلُّ مَدِينٍ غَيْرَهُ (فَلَوْ اسْتَضَافَ) أَيْ: (اسْتَضَافَ) الْمُقْتَرِضُ الْمُقْرِضَ (حَسَبَ لَهُ) أَيْ: الْمُقْرِضُ (مَا أَكَلَ) عِنْدَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ، أَوْ كَافَأَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بَيْنَهُمَا بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ (وَهُوَ) أَيْ: الْمُقْرِضُ " (فِي الدَّعَوَاتِ) إذَا فَعَلَ الْمُقْتَرِضُ وَلِيمَةً أَوْ عَقِيقَةً وَنَحْوَهُمَا (كَغَيْرِهِ) مِمَّنْ لَا دَيْنَ لَهُ.
(وَلَوْ أَقْرَضَ) إنْسَانٌ (فَلَّاحَةَ فِي شِرَاءِ بَقَرٍ يَعْمَلُ عَلَيْهَا فِي أَرْضِهِ) بِالْحَرْثِ وَنَحْوِهِ (أَوْ) أَقْرَضَهُ فِي شِرَاءِ (بَذْرٍ يَبْذُرهُ فِيهَا) أَيْ: أَرْضِهِ (فَإِنْ شَرَطَ) الْمُقْرِضُ (ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ لَمْ يَجُزْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ كَانَ) ذَلِكَ (بِلَا شَرْطٍ أَوْ قَالَ) الْمُقْتَرِضُ (أَقْرِضْنِي أَلْفًا وَادْفَعْ إلَيَّ أَرْضَكَ أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ حَرُمَ أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ بِهِ نَفْعًا نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى (وَجَوَّزَهُ الْمُوَفَّقُ وَجَمْعٌ) لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَالْمُوَاطَأَةِ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
(وَلَوْ أَقْرَضَ) إنْسَانٌ (مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بُرٌّ) شَيْئًا (يَشْتَرِيهِ) أَيْ: الْبُرَّ (بِهِ ثُمَّ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ جَازَ) الْعَقْدُ بِلَا كَرَاهَةٍ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ وَقَالَهُ سُفْيَانُ قَالَ: أَمَرَّتَيْنِ؟ .
(وَإِنْ قَالَ:) الْمُقْرِضُ لِلْمُقْتَرَضِ (إنْ مِتُّ - بِضَمِّ التَّاءِ - فَأَنْتَ فِي حِلٍّ فَوَصِيَّةٌ صَحِيحَةٌ) كَسَائِرِ الْوَصَايَا.
(وَ) إنْ قَالَ لَهُ: إنْ مِتَّ (بِفَتْحِهَا) أَيْ: التَّاءِ فَأَنْتَ فِي حِلٍّ (لَا يَصِحُّ،؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ) وَشَرْطُ الْإِبْرَاءِ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا، كَالْهِبَةِ.
(وَلَوْ جَعَلَ) إنْسَانٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute