(لَهُ) أَيْ: لِآخَر (جُعْلًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَبْذُلهُ مِنْ جَاهِهِ فَقَطْ (لَا أَنْ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى ضَمَانِهِ لَهُ) فَلَا يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ فَيَلْزَمُهُ الدَّيْنُ وَإِنْ أَدَّاهُ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَصَارَ كَالْقَرْضِ فَإِذَا أَخَذَ عِوَضًا صَارَ الْقَرْضُ جَارًّا لِلْمَنْفَعَةِ فَلَمْ يَجُزْ، وَمَنَعَهُ الْأَزَجِيُّ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: مَا أُحِبُّ أَنْ يَقْتَرِضَ بِجَاهِهِ لِإِخْوَانِهِ) قَالَ الْقَاضِي: إذَا كَانَ مَنْ يَقْتَرِضُ لَهُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَفَاءِ، لِكَوْنِهِ تَغْرِيرًا بِمَالِ الْمُقْرِضِ وَإِضْرَارًا بِهِ، أَمَّا إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْوَفَاءِ فَلَا يُكْرَهُ، لِكَوْنِهِ إعَانَةً لَهُ، وَتَفْرِيجًا لِكُرْبَتِهِ.
(وَلَوْ أَقْرَضَ غَرِيمَهُ الْمُعْسِرَ أَلْفًا لِيُوَفِّيَهُ مِنْهُ) أَيْ: الْأَلْفِ (وَمِنْ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا) جَازَ، وَالْكُلُّ حَالٌ (أَوْ قَالَ) الْمُقْرِضُ (أَعْطِنِي بِدَيْنِي رَهْنًا، وَأَنَا أُعْطِيكَ مَا تَعْمَلُ فِيهِ وَتَقْضِينِي دَيْنِي كُلَّهُ) أَيْ: الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ.
(وَيَكُونُ الرَّهْنُ عَنْ الدَّيْنَيْنِ، أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا) بِعَيْنِهِ (جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اشْتِرَاطُ زِيَادَةٍ عَمَّا يَسْتَحِقّهُ عَلَيْهِ (وَالْكُلُّ) أَيْ: جَمِيعُ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (حَالٌ) لَا يَتَأَجَّلُ بِقَوْلِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَقْرَضَهُ) أَثْمَانًا أَوْ غَيْرَهَا (أَوْ غَصَبَهُ أَثْمَانًا أَوْ غَيْرَهَا فَطَالَبَهُ الْمُقْرِضُ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِبَدَلِهَا) أَيْ: بِبَدَلِ الْأَثْمَانِ أَوْ غَيْرِهَا (بِبَلَدٍ آخَرَ) غَيْرِ بَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ (لَزِمَهُ) أَيْ: الْمُقْتَرِضَ أَوْ الْغَاصِبَ دَفْعُ الْمِثْلِ الَّذِي لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ قَضَاءَ الْحَقِّ بِلَا ضَرَرٍ (إلَّا مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ أَنْقَصُ) مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الطَّلَبِ (فَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُقْتَرِضَ أَوْ الْغَاصِبَ (إذَنْ قِيمَتُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي بَلَدِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ (فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِلْمُقْرِضِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ (إذَنْ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَى بَلَدِ الطَّلَبِ، فَيَصِيرُ كَالْمُتَعَذِّرِ وَإِذَا تَعَذَّرَ الْمِثْلُ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ بِبَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ؛؛ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الَّذِي يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِيهِ (وَلَا) مُطَالَبَةَ لِرَبِّهِ (بِقِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ: الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ (فِي الْبَلَدَيْنِ) أَيْ: بَلَدِ الْقَرْضِ أَوْ الْغَصْبِ وَبَلَدِ الْمُطَالَبَةِ (سَوَاءً أَوْ) كَانَتْ قِيمَتُهُ (فِي بَلَدِ الْقَرْضِ) أَوْ الْغَصْبِ (أَكْثَرَ) مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ (لَزِمَهُ أَدَاءُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ فِي أَدَائِهِ.
(وَإِنْ كَانَ) الْقَرْضُ أَوْ الْغَصْبُ (مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ فَطَالَبَهُ) أَيْ: طَالَبَ رَبُّهُ الْمُقْتَرِضَ أَوْ الْغَاصِبَ (بِقِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ) أَوْ الْغَصْبِ (لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا) ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ وَاجِبٌ بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهِ فِيهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ طَالَبَهُ بَقِيَ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ، وَكَانَتْ أَكْثَرَ لَمْ تَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَيْهَا.
(وَلَوْ بَذَلَ الْمُقْتَرِضُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute