الْوَارِثُ (الْحَقَّ) الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ مَا رَهَنَهُ أَوْ بَاعَهُ (فَالرَّهْنُ) وَالْبَيْعُ (بِحَالِهِ) لَا يُنْقَضُ، كَمَا لَوْ رَهَنَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الْجَانِي، أَوْ بَاعَهُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) يُوفِ الْوَارِثُ الْحَقَّ (فَلِلْغُرَمَاءِ انْتِزَاعُهُ) أَيْ: انْتِزَاعُ مَا رَهَنَهُ أَوْ بَاعَهُ وَإِبْطَالُ تَصَرُّفِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِمْ.
(وَالْحُكْمُ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا انْتَزَعَهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ (كَالْحُكْمِ فِي) الْعَبْدِ (الْجَانِي) فَيُبَاعُ وَيُوَفَّى مِنْ ثَمَنِهِ مَا عَلَى الْمَيِّتِ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْوَارِثِ، كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ.
(وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ تَصَرَّفَ) الْوَارِثُ (فِي التَّرِكَةِ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْوَارِثِ (مَبِيعٌ بَاعَهُ الْمَيِّتُ) قَبْلَ مَوْتِهِ (بِعَيْبٍ) مُتَعَلِّقٍ بِرَدِّ (ظَهَرَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَبِيعِ فَإِنْ وَفَّى الْوَارِثُ الْمُشْتَرِيَ ثَمَنَهُ نَفَذَ تَصَرُّفه، وَإِلَّا فَلَهُ انْتِزَاعُ التَّرِكَةِ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مِنْهَا (أَوْ حَقِّ) أَيْ: حُكْمِ حَقِّ (تَعَلُّقِ تَجَدُّدِهِ) .
وَفِي نُسْخَةٍ " تَجَدَّدَ تَعَلُّقُهُ " وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا فِي الْمُغْنِي (بِالتَّرِكَةِ) بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ فِيهَا (مِثْلَ إنْ وَقَعَ إنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ فِي بِئْرٍ حَفَرَهُ) الْمُوَرِّثُ قَبْلَ مَوْتِهِ (فِي غَيْرِ مِلْكِهِ) تَعَدِّيًا، وَقَوْلُهُ: (بَعْدَ مَوْتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِوَقَعَ، وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ) أَيْ: الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ إذْن (صَحِيحٌ) عِلَّة لِقَوْلِهِ:
وَلَوْ رَهَنَ الْوَارِث تَرِكَة الْمَيِّت إلَخْ (لَكِنْ) تَعَرُّف الْوَارِث فِي التَّرِكَة مَعَ حَقِّ غُرَمَاء الْمَيِّت بِهَا (غَيْرُ نَافِذٍ) بَلْ مَوْقُوفٌ (فَإِنْ قَضَى) الْوَارِثُ (الْحَقَّ) اللَّازِمَ لِلْمَيِّتِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ (نَفَذَ) تَصَرُّفُهُ.
(وَإِلَّا) يَقْضِيه مِنْ غَيْرِهِ (فُسِخَ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ) وَقَضَى مَا عَلَى الْمَيِّتِ؛ لِسَبْقِ حَقِّ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فُسِخَ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَتَأَتَّ فَسْخُ الْعِتْقِ، بَلْ يُجْبَرُ الْوَارِثُ عَلَى قَضَاءِ الْحَقِّ كَمَا لَوْ عَتَقَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ، أَوْ عَتَقَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ، عَلَى مَا يَأْتِي.
(وَيَصِحُّ رَهْنُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ) ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ إلَى الْكَافِرِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ (إذَا اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ) أَيْ: الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ (فِي يَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ) وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] .
(وَمِثْلُهُ) أَيْ: مِثْلُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمُ فِيمَا ذُكِرَ فِي (كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ) فَيَصِحُّ رَهْنُهَا لِكَافِرٍ إذَا شَرَطَ أَنْ تَكُونَ بِيَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ.
(وَلَا يَلْزَمُ الرَّهْنُ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ إلَّا بِالْقَبْضِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ إرْفَاقٍ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ فَافْتَقَرَ إلَى الْقَبْضِ الْقَرْضِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ: