للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى غَيْرِهِ (أَوْ) مَا (يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ) أَيْ: مَا وَجَبَ أَوْ يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعٍ وَسَنَدُهُ: قَوْله تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الزَّعِيمُ الْكَفِيلُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ غَيْرُ ضَمَانِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ جِزْيَةً فَلَا يَصِحُّ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ الضَّامِنِ فَاتَ الصَّغَارَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ.

(وَ) غَيْرُ (كَفَالَتِهِ) أَيْ: كَفَالَةِ مُسْلِمٍ وَكَذَا كَفَالَةُ كَافِرٍ (مَنْ هِيَ) أَيْ: الْجِزْيَةُ (عَلَيْهِ) فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَلَوْ بَعْدَ الْحَوْلِ، لِفَوَاتِ الصَّغَارِ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ مِنْ الْكَفِيلِ (فَلَا يَصِحُّ) أَيْ: الضَّمَانُ وَلَا الْكَفَالَةُ (فِيهِمَا) أَيْ: فِي جِزْيَةٍ وَجَبَتْ وَلَا جِزْيَةٍ سَتَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَيَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِلَفْظِ) أَنَا (ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ، وَقَبِيلٌ، وَحَمِيلٌ، وَصَبِيرٌ، وَزَعِيمٌ) بِمَا عَلَيْهِ يُقَالُ: قَبِلَ بِهِ، بِكَسْرِ الْبَاءِ فَهُوَ قَبِيلٌ، وَحَمَلَ بِهِ حَمَالَةً فَهُوَ حَمِيلٌ وَزَعَمَ بِهِ يَزْعُمُ بِالضَّمِّ - زَعْمًا وَصَبَرَ يَصْبِرُ - بِالضَّمِّ - صَبْرًا وَصِبَارَةً: بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ مَعْنَى كَفِيلٍ.

(وَ) يَصِحُّ الضَّمَانُ أَيْضًا بِلَفْظِ (ضَمِنْت دَيْنَك أَوْ تَحَمَّلْته، وَضَمِنْت إيصَالَهُ أَوْ هُوَ) أَيْ: دَيْنُك (عَلَيَّ وَنَحْوُهُ) مِنْ كُلِّ مَا يُؤَدِّي مَعْنَى الْتِزَامِهِ مَا عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ) شَخْصٌ: (أَنَا أُؤَدِّي) مَا عَلَيْهِ (أَوْ) أَنَا (أُحْضِرُ) مَا عَلَيْهِ (لَمْ يَصِرْ ضَامِنًا) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَلَيْسَ بِالْتِزَامٍ (وَقَالَ الشَّيْخُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ) الضَّمَانُ (بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضَّمَانُ عُرْفًا مِثْلَ) قَوْلِهِ: (زَوِّجْهُ، وَأَنَا أُؤَدِّي الصَّدَاقَ أَوْ) قَوْلِهِ: (بِعْهُ وَأَنَا أُعْطِيك الثَّمَنَ أَوْ) قَوْلِهِ: اُتْرُكْهُ وَلَا تُطَالِبْهُ وَأَنَا أُعْطِيك مَا عَلَيْهِ (وَنَحْوَ ذَلِكَ) مِمَّا يُؤَدِّي هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَحُدَّ ذَلِكَ بِحَدٍّ فَرُجِعَ إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ.

(وَإِنْ ضَمِنَ) إنْسَانٌ (وَهُوَ) أَيْ: الضَّامِنُ (مَرِيضٌ مَرَضًا غَيْرَ مَخُوفٍ) كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَيْنِ وَلَوْ صَارَ مُخَرِّفًا وَمَاتَ بِهِ، أَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضًا (مَخُوفًا وَلَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْمَوْتُ ف) هُوَ (كَالصَّحِيحِ) كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) الضَّامِنُ وَقْتَ الضَّمَانِ مَرِيضًا (مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ حَسْبَ مَا ضَمِنَهُ مِنْ ثُلُثِهِ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فَهُوَ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ وَكَالْوَصِيَّةِ وَقِيَاسُ الْمَرِيضِ كَذَلِكَ: مَنْ بِاللُّجَّةِ عِنْدَ الْهَيَجَانِ، أَوْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلْدَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ أُلْحِقَ بِالْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ الْمَخُوفَ كَمَا سَيَأْتِي فِي عَطِيَّةِ الْمَرِيضِ.

(وَيَصِحُّ الضَّمَانُ مِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>