للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَفْهُومَةٍ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا كَاللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ (وَلَا يَثْبُتُ) الضَّمَانُ (بِكِتَابَتِهِ) أَيْ: الْأَخْرَسِ حَالَ كَوْنهَا (مُنْفَرِدَةً عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا عَنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ) فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاحْتِمَالِ.

(وَمَنْ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ) مِنْ الْخُرْسِ (وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ) أَيْ: أَنْ يَضْمَنَ غَيْرُهُ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ عَبَثًا أَوْ تَجْرِبَةَ قَلَمٍ فَلَيْسَتْ صَرِيحَةً (وَكَذَلِكَ) أَيْ: كَالضَّمَانِ (سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ) فَتَصِحُّ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، لَا بِكِتَابَةٍ مُفْرَدَةٍ عَنْ إشَارَةٍ يُفْهَمُ بِهَا الْمَقْصُودُ، وَلَا مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ إشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ وَتَأْتِي صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَالطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالْكِتَابَةِ.

(وَلِصَاحِبِ الْحَقِّ: مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالضَّامِنِ (لِثُبُوتِهِ) أَيْ: الْحَقِّ (فِي ذِمَّتَيْهِمَا جَمِيعًا) فَلَا يَبْرَأ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ كَمَا يَبْرَأُ الْمُحِيلُ بَلْ يَثْبُتُ الْحَقُّ فِي ذِمَّتَيْهِمَا جَمِيعًا لِصِحَّةِ هِبَتِهِ لَهُمَا؛ وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: تَكَفَّلْت بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَ) لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَيْضًا (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ: الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالضَّامِنِ (مَعًا فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) مَلِيئًا (بَازِلًا) لِلدَّيْنِ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» .

(فَإِنْ أَحَالَ رَبُّ الْحَقِّ) عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِدَيْنِهِ، بَرِئَ الضَّامِنُ (أَوْ أُحِيلَ) أَيْ: أَحَالَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ بِدَيْنِهِ بَرِئَ الضَّامِنُ (أَوْ زَالَ الْعَقْدُ) بِأَنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ الَّذِي ضَمِنَ فِيهِ الثَّمَنَ، أَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَقَدْ ضَمِنَ الْأُجْرَةَ (بَرِئَ الضَّامِنُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ، وَالضَّمَانُ وَثِيقَةٌ فَإِذَا بَرِئَ الْأَصْلُ زَالَتْ الْوَثِيقَةُ قَالَهُ الْمُبْدِعُ (وَ) بَرِئَ (الْكَفِيلُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ إنْ كَانَ) هُنَاكَ رَهْنٌ لِمَا تَقَدَّمَ.

وَإِنْ وَرِثَ الدَّيْنَ لَمْ يَبْرَأْ ضَامِنٌ وَلَا كَفِيلٌ وَلَمْ يَبْطُلْ رَهْنٌ.

(فَإِنْ بَرِئَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ حَوَالَةٍ (بَرِئَ الضَّامِنُ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُهُ كَمَا سَبَقَ.

(وَإِنْ بَرِئَ الضَّامِنُ لَمْ يَبْرَأْ الْمَضْمُونُ عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فَلَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ التَّبَعِ (أَوْ أَقَرَّ) الْمَضْمُونُ لَهُ (بِبَرَاءَتِهِ) أَيْ: الضَّامِنِ (كَقَوْلِهِ) أَيْ: رَبِّ الْحَقِّ لِلضَّامِنِ (بَرِئْت مِنْ الدَّيْنِ، أَوْ أَبْرَأْتُك) مِنْهُ (لَمْ يَكُنْ) رَبُّ الْحَقِّ (مُقِرًّا بِالْقَبْضِ) لِلدَّيْنِ وَلَمْ يَبْرَأْ مَضْمُونٌ عَنْهُ لِأَصَالَتِهِ فَلَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ تَبَعُهُ.

(وَ) الْقَائِلُ لِلضَّامِنِ (بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ: مُقِرٌّ بِقَبْضِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِبَرَاءَتِهِ بِفِعْلٍ وَاصِلٍ إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِقَبْضِهِ (وَ) قَوْلُ رَبِّ الْحَقِّ لِلضَّامِنِ: (وَهَبْتُك الْحَقَّ: تَمْلِيكٌ لَهُ فَيَرْجِعُ) الضَّامِنُ بِالدَّيْنِ (عَلَى مَضْمُونٍ) وَيَأْخُذهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مَلَّكَهُ لَهُ.

(وَيَصِحُّ أَنْ يَضْمَنَ الْحَقَّ عَنْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>