للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ: لِلْوُصُولِ إلَى بَعْضِ الْحَقِّ.

(وَهُوَ) أَيْ: الصُّلْحُ مِنْ (أَكْبَرِ الْعُقُودِ فَائِدَةً) ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ (وَلِذَلِكَ) أَيْ: لِكَوْنِهِ مِنْ أَكْبَرِ الْعُقُودِ فَائِدَةً (حَسُنَ) أَيْ: أُبِيحَ (فِيهِ الْكَذِبُ) كَمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ مُوَضَّحًا (وَيَكُونُ) الصُّلْحُ (بَيْنَ مُسْلِمِينَ وَأَهْلِ حَرْبٍ) بِعَقْدِ الذِّمَّةِ أَوْ الْهُدْنَةِ أَوْ الْأَمَانِ وَتَقَدَّمَ (وَ) يَكُونُ أَيْضًا (بَيْنَ أَهْلِ بَغْيٍ، وَ) أَهْلِ (عَدْلٍ) وَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ (وَ) يَكُونُ أَيْضًا (بَيْنَ زَوْجَيْنِ إذَا خِيفَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا، أَوْ خَافَتْهُ امْرَأَةٌ أَعْرَضَ زَوْجُهَا عَنْهَا) وَيَأْتِي فِي النُّشُوزِ (وَ) يَكُونُ أَيْضًا (بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِي غَيْرِ مَالٍ) غَيْرِ مَنْ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ وَلَيْسَ لَهُ بَابٌ يَخُصُّهُ وَيَكُونُ أَيْضًا بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ فِي الْمَالِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْبَابِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذِهِ أَنْوَاعُهُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا أَوَّلًا.

(وَهُوَ) أَيْ: الصُّلْحُ بَيْنَ مُتَخَاصِمَيْنِ (فِي الْأَمْوَالِ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا صُلْحٌ عَلَى الْإِقْرَارِ وَهُوَ) أَيْ: صُلْحُ الْإِقْرَارِ (نَوْعَانِ) : (أَحَدُهُمَا الصُّلْحُ عَلَى جِنْسِ الْحَقِّ) الْمُقَرِّ بِهِ (مِثْلَ أَنْ يُقِرَّ) رَشِيدٌ (لَهُ بِدَيْنٍ، فَيَضَعَ) أَيْ: يَسْقُطُ (عَنْهُ بَعْضُهُ) وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ (أَوْ) يُقِرُّ رَشِيدٌ لِآخَرَ (بِعَيْنٍ فَيَهَبُ) الْمُقَرُّ لَهُ (لَهُ) أَيْ: لِلْمُقِرِّ (بَعْضَهَا وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ فَيَصِحُّ) الصُّلْحُ (إنْ كَانَ) مَا صَدَرَ مِنْ إبْرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ (بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ) أَيْ: وَضْعَ بَعْضِ الْحَقِّ (إبْرَاءٌ وَالثَّانِي) أَيْ: هِبَةَ بَعْضِ الْعَيْنِ (هِبَةٌ يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُ الْهِبَةِ) مِنْ كَوْنِهِ جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَالْعِلْمِ بِالْمَوْهُوبِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُمْنَعُ الْإِنْسَانُ مِنْ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ أَوْ هِبَتِهِ، كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَلَّمَ غُرَمَاءَ جَابِرٍ لِيَضَعُوا عَنْهُ، وَقَضِيَّةُ كَعْبٍ مَعَ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الصُّلْحِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ صَالَحَ عَنْ بَعْضِ مَالِهِ بِبَعْضٍ فَهُوَ هَضْمٌ لِلْحَقِّ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ مَنَعَ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى الصُّلْحَ عَلَى الْإِقْرَارِ، وَأَبَاهُ الْأَكْثَرُ فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ وَفَّاهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَهُوَ وَفَاءٌ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسه مُعَاوَضَةٌ وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْ بَعْضِهِ فَهُوَ إبْرَاءٌ وَإِنْ وَهَبَهُ بَعْضَ الْعَيْنِ فَهُوَ هِبَةٌ وَلَا يُسَمَّى صُلْحًا، فَالْخِلَافُ إذَنْ فِي التَّسْمِيَةِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَأَمَّا الْمَغْنَى فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَيَصِحُّ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِبْرَاءِ وَالْهِبَةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ) : أَبْرَأْتُك أَوْ وَهَبْتُك (عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي الْبَاقِيَ) فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، لِمَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَلَا تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ (أَوْ يَمْنَعْهُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ وَالْهِبَةُ إذَا مَنَعَهُ الْمُقِرُّ (حَقَّهُ بِدُونِهِ) أَيْ: بِدُونِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ.

(وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>