للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّفَرِ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي تَأْخِيرِ حَقِّهِ عَنْ مَحَلِّهِ وَقُدُومُهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ، وَلَا ظَاهِرٍ فَمَلَكَ مَنْعَهُ (فِي غَيْرِ جِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ) فَلَا يُمْنَع مِنْهُ بَلْ يُمْكِنُ لِتَعَيُّنِهِ عَلَيْهِ (حَتَّى) أَيْ لِغَرِيمِ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا مَنْعُهُ إلَّا أَنْ (يُوَثِّقَهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِرَهْنٍ يَحْرُزُ الدَّيْنَ، أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ.

فَإِذَا وَثَّقَهُ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْنَعْهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ (فَلَوْ أَرَادَ الْمَدِينُ وَضَامِنُهُ مَعًا السَّفَرَ فَلَهُ) أَيْ الْغَرِيمِ (مَنْعُهُمَا وَ) لَهُ (مَنْعُ أَحَدِهِمَا أَيِّهِمَا شَاءَ) فَإِنْ شَاءَ مَنَعَ الْمَدِينَ أَوْ ضَامِنَهُ (حَتَّى يُوَثَّقَ بِمَا ذُكِرَ) مِنْ رَهْنٍ مُحْرِزٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ.

(وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الضَّامِنُ غَيْرَ مَلِيءٍ) بِالدَّيْنِ وَأَرَادَ الْمَدِينُ السَّفَرَ (فَلَهُ) أَيْ لِلْغَرِيمِ (أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ) أَيْ الْمَدِينِ (ضَامِنًا مَلِيئًا، أَوْ رَهْنًا) مَلِيئًا، أَوْ رَهْنًا مُحْرِزًا.

(وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ لَا تَفِي قِيمَتُهُ بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (فَلَهُ) أَيْ الْغَرِيمِ (أَنْ يَطْلُبَ) مِنْ الْمَدِينِ (زِيَادَةَ الرَّهْنِ حَتَّى تَبْلُغَ قِيمَةُ الْجَمِيعِ قَدْرَ الدَّيْنِ، أَوْ يَطْلُبَ مِنْهُ) أَيْ الْمَدِينِ (ضَامِنًا بِمَا بَقِيَ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ) لِيَزُولَ عَنْهُ الضَّرَرُ (وَإِنْ أَرَادَ) الْمَدِينُ (سَفَرًا وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ وَفَاءِ دَيْنِهِ فَلِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ حَتَّى يُقِيمَ كَفِيلًا بِبَدَنِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ) لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْسَرُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إلَيْهِ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْغَرِيمُ مِنْ طَلَبِهِ.

فَإِذَا كَانَ ثَمَّ كَفِيلٌ طَالَبَهُ بِإِحْضَارِهِ.

(وَلَا يَمْلِكُ) رَبُّ دَيْنٍ (تَحْلِيلَ) مَدْيَنِ (مُحْرِمٍ) بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا لِوُجُوبِ إتْمَامِهِمَا بِالشُّرُوعِ.

(وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ) أَيْ الْمَدِينِ (حَالًّا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى وَفَائِهِ) أَيْ الدَّيْنِ الْحَالِّ (وَطَلَبَ) الدَّيْنَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَدِينِ (فَسَافَرَ) الْمَدِينُ (قَبْلَ وَفَائِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَرَخَّصَ بِقَصْرٍ وَلَا غَيْرِهِ) كَفِطْرٍ وَأَكْلِ مَيْتَةٍ لِأَنَّهُ عَاصٍ بِسَفَرِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَدِينُ (عَاجِزًا عَنْ وَفَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ الدَّيْنِ (حَرُمَتْ مُطَالَبَتُهُ وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ وَمُلَازَمَتُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغُرَمَاءِ الَّذِي كَثُرَ دَيْنُهُ «خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ» .

(وَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ الْحَالِّ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ لَا يُطَالَبُ بِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ (وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ غَيْرُهُ وَ) يَجِبُ (عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَهُ) أَيْ الْمَدِينَ (بِوَفَائِهِ إنْ طَلَبَهُ) أَيْ الْأَمْرَ (الْغُرَمَاءُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَصْلِ الْقَضَاءِ الْمُنْتَصِبِ لَهُ.

(وَيَجِبُ) عَلَى مَدِينٍ (قَادِرٍ وَفَاؤُهُ) أَيْ الدَّيْنِ الْحَالِّ (عَلَى الْفَوْرِ بِطَلَبِ رَبِّهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَبِالطَّلَبِ يَتَحَقَّقُ الْمَطْلُ (أَوْ عِنْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ إنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مُؤَجَّلًا)

<<  <  ج: ص:  >  >>