للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْتِدَاءً ثُمَّ حَلَّ قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ وَتَقَدَّمَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ رَبُّهُ (فَلَا) يَجِبُ عَلَيْهِ عَلَى الْفَوْرِ لِمَفْهُومِ مَا سَبَقَ.

(فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ (سِلْعَةٌ فَطَلَبَ) مِنْ رَبِّ الْحَقِّ (أَنْ يُمْهِلَهُ حَتَّى يَبِيعَهَا وَيُوَفِّيَهُ) الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهَا (أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهَا وَالْوَفَاءِ وَكَذَا إنْ طُولِبَ بِمَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ وَمَالُهُ بِدَارِهِ أَوْ مُودَعٌ، أَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ فَيُمْهَلُ بِقَدْرِ مَا يَحْضُرُهُ فِيهِ.

(وَكَذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ الْمَدِينَ (أَنْ يَحْتَالَ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ بِاقْتِرَاضٍ وَنَحْوِهِ) فَيُمْهَلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُحْبَسُ لِعَدَمِ امْتِنَاعِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَإِنْ خَافَ رَبُّ الْحَقِّ هَرَبَهُ، احْتَاطَ بِمُلَازَمَتِهِ، أَوْ كَفِيلٍ.

(وَ) إنْ (طَلَبَ) الْمَدِينُ (أَنْ يَرْسِمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ) أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ الْوَفَاءِ (وَجَبَتْ إجَابَتُهُ) إلَى ذَلِكَ

دَفْعًا لِضَرَرِهِ.

(وَلَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ الْوَفَاءِ (بِحَبْسِهِ) لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَا مُحْوِجَ إلَيْهَا (وَكَذَا إنْ طَلَبَ تَمْكِينَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَفَاءِ (مَحْبُوسٌ) فَيُمَكَّنُ (أَوْ تَوَكَّلَ) إنْسَانٌ (فِيهِ) أَيْ فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ فَيُمْهَلُ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الْوَفَاءِ (قَالَهُ الشَّيْخُ) كَمَا يُمْهَلُ الْمُوَكِّلُ.

(وَلَوْ مَطَلَ) الْمَدِينُ رَبَّ الْحَقِّ (حَتَّى شَكَا عَلَيْهِ فَمَا غَرِمَهُ) رَبُّ الْحَقِّ (فَعَلَى) الْمَدِينِ (الْمُمَاطِلِ) إذَا كَانَ غُرْمُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي غُرْمِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ.

(وَفِي الرِّعَايَةِ: لَوْ أَحْضَرَ مُدَّعَى بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِلْمُدَّعِي لَزِمَهُ) أَيْ الْمُدَّعِيَ (مُؤْنَةُ إحْضَارِهِ وَ) مُؤْنَةُ (رَدِّهِ) إلَى مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَثْبَتَهُ (لَزِمَ الْمُنْكِرَ) لِحَدِيثِ «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» .

(وَقَالَ الشَّيْخُ لَوْ تَغَيَّبَ مَضْمُونٌ عَنْهُ فَغَرِمَ الضَّامِنُ بِسَبَبِهِ) رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ أَوْ أَنْفَقَهُ فِي الْحَبْسِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَطْلَقَهُ فِي مَوْضِعٍ وَقَيَّدَهُ فِي آخَرَ بِقَادِرٍ عَلَى الْوَفَاءِ وَتَقَدَّمَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ ضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا فِعْلَ لَهُ وَلَا تَسَبُّبَ (أَوْ غَرِمَ) شَخْصٌ (بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ وَلِيِّ الْأَمْرِ) أَوْ بِإِغْرَاءٍ أَوْ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ (رَجَعَ) الْغَارِمُ (عَلَى الْمُتَسَبِّبِ) بِمَا غَرِمَهُ لِتَسَبُّبِهِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْآخِذِ إنْ كَانَ الْأَخْذُ ظُلْمًا.

(فَإِنْ أَبَى مَنْ) أَيْ مَدِينٌ (لَهُ مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ) الْحَالِّ (الْوَفَاءَ، حَبَسَهُ الْحَاكِمُ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَيُّ الْوَاجِدِ ظُلْمٌ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا قَالَ أَحْمَدُ قَالَ وَكِيعٌ " عِرْضُهُ " شَكْوَاهُ " وَعُقُوبَتُهُ " حَبْسُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ مَتَى تَوَجَّهَ حَبْسُهُ حُبِسَ وَلَوْ كَانَ أَجِيرًا فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ امْرَأَةً مُزَوَّجَةً لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الْحَبْسِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>