تَتِمَّةٌ " قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يَجِبُ حَبْسُهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ، بَلْ الْمَقْصُودُ: مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ، فَيُحْبَسُ وَلَوْ فِي دَارِ نَفْسِهِ بِحَيْثُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْحَاكِمِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الْمَدِينِ مِنْ الْحَبْسِ (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُهُ) أَيْ أَنَّهُ مُعْسِرٌ فَيَجِبُ إطْلَاقُهُ (أَوْ يَبْرَأَ) الْمَدِينُ (مِنْ غَرِيمِهِ بِوَفَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) أَوْ حَوَالَةٍ فَيَجِبُ إطْلَاقُهُ لِسُقُوطِ الْحَقِّ عَنْهُ (أَوْ يَرْضَى) غَرِيمُهُ (بِإِخْرَاجِهِ) مِنْ الْحَبْسِ بِأَنْ سَأَلَ الْحَاكِمَ إخْرَاجَهُ لِأَنَّ حَبْسَهُ حَقٌّ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ " فَائِدَةٌ " رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى " الْحَبْسُ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ " وَأَوَّلُ مَنْ حَبَسَ عَلَيْهِ شُرَيْحٌ وَكَانَ الْخَصْمَانِ يَتَلَازَمَانِ.
(فَإِنْ أَصَرَّ) الْمَدِينُ الْمَلِيءُ عَلَى الْحَبْسِ وَلَمْ يُقْبِضْ الدَّيْنَ (بَاعَ) الْحَاكِمُ (مَالَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ) لِمَا رَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «حَجَرَ عَلَى مُعَاذٍ مَالَهُ، وَبَاعَهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِهِمَا وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ (إذَا أَصَرَّ) الْمَدِينُ (عَلَى الْحَبْسِ وَصَبَرَ عَلَيْهِ ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ يَحْبِسُهُ فَإِنْ أَبَى) الْوَفَاءَ (عَزَّرَهُ قَالَ وَيُكْرَهُ حَبْسُهُ وَتَعْزِيرُهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ) أَيْ الدَّيْنَ.
(قَالَ الشَّيْخُ نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا، لَكِنْ لَا يُزَادُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ إنْ قِيلَ بِتَقْدِيرِهِ) وَجَزَمَ بِمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْمُنْتَهَى.
(وَقَالَ) الشَّيْخُ (وَمَنْ طُولِبَ بِأَدَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ) مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَطَلَبَ إمْهَالًا) بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ أَدَائِهِ (أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ) فِي الْبَابِ (فِي كَلَامِهِ: لَكِنْ إنْ خَافَ غَرِيمُهُ مِنْهُ) هَرَبًا (احْتَاطَ عَلَيْهِ بِمُلَازَمَتِهِ أَوْ كَفِيلٍ، أَوْ تَرْسِيمٍ عَلَيْهِ) وَتَقَدَّمَ (وَإِنْ ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ الْإِعْسَارَ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ مَعَهُ) يُؤَدِّيهِ فِي الدَّيْنِ (فَقَالَ الْمُدَّعِي لِلْحَاكِمِ: الْمَالُ مَعَهُ، وَسَأَلَ) الْمُدَّعِي (تَفْتِيشَهُ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ إجَابَتُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى تَفْتِيشِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُدَّعِي وَعَدَمِ الْمَفْسَدَةِ فِيهِ.
(وَإِنْ صَدَّقَهُ) أَيْ الْمَدِينَ (غَرِيمُهُ) فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ (لَمْ يُحْبَسْ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ) إلَى مَيْسَرَةٍ (وَلَمْ تَجُزْ مُلَازَمَتُهُ) وَلَا الْحَجْرُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .
(وَإِنْ أَكْذَبَهُ) أَيْ أَكْذَبَ الْمُدَّعِي الْمَدِينَ فِي دَعْوَاهُ الْإِعْسَارَ (وَكَانَ دَيْنُهُ) أَيْ مُدَّعِي الْإِعْسَارِ (عَنْ عِوَضٍ) مَالِيٍّ (كَالْبَيْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute