وَالْقَرْضِ، أَوْ عُرِفَ لَهُ) أَيْ لِلْمَدِينِ (مَالٌ سَابِقٌ وَالْغَالِبُ بَقَاءُ ذَلِكَ) الْمَالِ الَّذِي عُرِفَ (أَوْ) كَانَ دَيْنُهُ (عَنْ غَيْرِ عِوَضٍ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ وَمَهْرٍ، أَوْ ضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ وَ) كَانَ (أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ حُبِسَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَالِهِ، وَحَبْسُهُ وَسِيلَةٌ إلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) الْمَدِينُ (تَلَفًا وَنَحْوَهُ) كَنَفَادِ مَالِهِ، وَيُصَدِّقُهُ رَبُّ الدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسَ (أَوْ يَسْأَلُ) الْمَدِينُ (سُؤَالَهُ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ (وَيُصَدِّقُهُ) عَلَى أَنَّهُ مُعْسِرٌ (فَلَا) يُحْبَسُ، لِمَا تَقَدَّمَ.
(فَإِنْ أَنْكَرَهُ) أَيْ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ إعْسَارَ الْمَدِينِ (وَأَقَامَ) رَبُّ الدَّيْنِ (بَيِّنَةً بِقُدْرَتِهِ) عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ؛ حُبِسَ لِثُبُوتِ بَرَاءَتِهِ (أَوْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ) أَيْ الْمَدِينِ حُبِسَ (أَوْ) حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ) أَيْ الْمَدِينَ (مُوسِرٌ أَوْ ذُو مَالٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ مَا ذَكَرَ بِأَنْ حَلَفَ مَثَلًا أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْوَفَاءِ، وَيَكُونُ حَلِفُهُ بِحَسَبِ جَوَابِهِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى (؛ حُبِسَ) الْمَدِينُ، لِعَدَمِ ثُبُوتِ عُسْرَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ) رَبُّ الدَّيْنِ بَعْدَ سُؤَالِ الْمَدِينِ حَلَّفَهُ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ (حَلَفَ الْمَدِينُ) أَنَّهُ مُعْسِرٌ.
(وَخَلَّى) سَبِيلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ (إلَّا أَنْ يُقِيمَ) رَبُّ الدَّيْنِ (بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ) بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ يَسَارِهِ فَيُحْبَسُ الْمَدِينُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمَدِينُ بَيِّنَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَا يُحْبَسُ.
(وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَدِينِ (ثَبَتَ فِي غَيْرِ مُقَابَلَةِ مَالٍ أَخَذَهُ) الْمَدِينُ (كَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ، وَمَهْرٍ أَوْ ضَمَانٍ، وَكَفَالَةٍ أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مَالٌ) الْغَالِبُ بَقَاؤُهُ.
(وَلَمْ يُقِرَّ) الْمَدِينُ (أَنَّهُ مَلِيءٌ حَلَفَ) الْمَدِينُ (أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَخَلَّى) سَبِيلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْحَبْسُ عُقُوبَةٌ لَا نَعْلَمُ لَهُ ذَنْبًا يُعَاقَبُ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ (فَإِنْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (بِنَفَادِ مَالِهِ، أَوْ) شَهِدَتْ (بِتَلَفِهِ، وَلَمْ تَشْهَدْ) الْبَيِّنَةُ (بِعُسْرَتِهِ حَلَفَ) الْمَدِينُ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْبَيِّنَةِ (أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فِي الْبَاطِنِ) لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، خِلَافَ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيِّنَةِ إذَا شَهِدَتْ بِتَلَفِ مَالِهِ، أَوْ نَفَادِهِ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُخْبِرُ بَاطِنَ حَالِهِ (وَإِنْ شَهِدَتْ) الْبَيِّنَةُ لِلْمَدِينِ (بِإِعْسَارٍ، اُعْتُبِرَ فِيهَا) أَيْ الْبَيِّنَةِ (أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ تُخْبِرُ بَاطِنَ حَالِهِ لِأَنَّهَا) أَيْ الشَّهَادَةَ بِإِعْسَارِهِ (شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ قُبِلَتْ لِلْحَاجَةِ) لِأَنَّ الْإِعْسَارَ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا الْمُخَالِطُ لَهُ.
لَا يُقَالُ: هَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ فَلَا تُسْمَعُ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى النَّفْيِ لَا تُرَدُّ مُطْلَقًا إذْ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قُبِلَتْ وَلِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَإِنْ تَضَمَّنَتْ النَّفْيَ، فَهِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute