(الْأَيْسَرِ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي طُهُورِهِ» (وَيُدَلِّكَ بَدَنَهُ بِيَدَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَنْقَى، وَبِهِ يَتَيَقَّنُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى مَغَابِنِهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَبِهِ يَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ.
قَالَ فِي الشَّرْحِ: يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ يَدِهِ عَلَى جَسَدِهِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَلَا يَجِبُ إذَا تَيَقَّنَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِ جَسَدِهِ (وَيَتَفَقَّدُ أُصُولَ شَعْرِهِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ» (وَغَضَارِيفَ أُذُنَيْهِ، وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَإِبِطَيْهِ، وَعُمْقَ سُرَّتِهِ وَحَالِبَيْهِ) .
قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الْحَالِبَانِ عِرْقَانِ يَكْتَنِفَانِ السُّرَّةَ (وَبَيْنَ أَلْيَتِهِ وَطَيِّ رُكْبَتَيْهِ) لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَيْهَا (وَيَكْفِي الظَّنُّ فِي الْإِسْبَاغِ) أَيْ: فِي وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْيَقِينِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ (ثُمَّ يَتَحَوَّلَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَيَغْسِلَ قَدَمَيْهِ، وَلَوْ) كَانَ (فِي حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا لَا طِينَ فِيهِ لِقَوْلِ مَيْمُونَةَ «ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ» .
(وَإِنْ أَخَّرَ غَسْلَ قَدَمَيْهِ فِي وُضُوئِهِ فَغَسَلَهُمَا آخِرَ غُسْلِهِ فَلَا بَأْسَ) لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ (وَتُسَنُّ مُوَالَاةٌ) فِي الْغُسْلِ بَيْنَ غَسْلِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ، لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَلَا تَجِبُ) الْمُوَالَاةُ فِي الْغُسْلِ (كَالتَّرْتِيبِ) ؛ لِأَنَّ الْبَدَنَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِخِلَافِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (فَلَوْ اغْتَسَلَ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ) ثُمَّ أَرَادَ غَسْلَهَا مِنْ الْحَدَثَيْنِ (لَمْ يَجِبْ التَّرْتِيبُ فِيهَا) وَلَا الْمُوَالَاةُ (لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ بَاقٍ، وَإِنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ) قَبْلَ إتْمَامِ الْغُسْلِ، بِأَنْ جَفَّ مَا غَسَلَهُ مِنْ بَدَنِهِ بِزَمَنٍ مُعْتَدِلٍ وَأَرَادَ أَنْ يُتِمّ غُسْلَهُ (جَدَّدَ لِإِتْمَامِهِ نِيَّةً وُجُوبًا) لِانْقِطَاعِ النِّيَّةِ بِفَوَاتِ الْمُوَالَاةِ، فَيَقَعُ غُسْلُ مَا بَقِيَ بِدُونِ نِيَّةٍ.
(وَيُسَنُّ سِدْرٌ فِي غُسْلِ كَافِرٍ أَسْلَمَ) لِحَدِيثِ «قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّهُ أَسْلَمَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
(وَ) يُسَنُّ (إزَالَةُ شَعْرِهِ، فَيَحْلِقُ رَأْسَهُ، إنْ كَانَ رَجُلًا) وَيَأْخُذُ عَانَتَهُ وَإِبْطَيْهِ مُطْلَقًا، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ أَسْلَمَ «أَلْقِ عَنْكَ شَعْرَ الْكُفْرِ، وَاخْتَتِنْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ) قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا، وَجَبَ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ.
(وَيَخْتَتِنُ) الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ (وُجُوبًا بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا، وَأَنْ لَا يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ (وَيُسَنُّ سِدْرٌ فِي غُسْلِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: «إذَا كُنْتِ حَائِضًا خُذِي مَاءَكِ وَسِدْرَكِ وَامْتَشِطِي» وَرَوَتْ «أَسْمَاءُ أَنَّهَا سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ الْحَيْضِ فَقَالَ: تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَهَا فَتَطَهَّرُ» الْحَدِيثَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ.
(وَ) يُسَنُّ أَيْضًا (أَخْذُهَا مِسْكًا، إنْ لَمْ تَكُنْ مُحْرِمَةً فَتَجْعَلُهُ فِي فَرْجِهَا فِي قُطْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) كَخِرْقَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute