للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدْ) لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِهِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَإِنَّهَا نَادِرَةٌ فِي نَفْسِهَا وَهِيَ بِذَلِكَ أَنْدَرُ (يَلْزَمُهُ) أَيْ: عَادِمَ الْمَاءِ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الطَّهَارَةُ (شِرَاءُ الْمَاءِ) الَّذِي يَحْتَاجُهُ لَهَا (بِثَمَنِ مِثْلِهِ فِي تِلْكَ الْبُقْعَةِ أَوْ مِثْلِهَا) أَيْ: مِثْلِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ (غَالِبًا) ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ شِرَاءُ سُتْرَةِ عَوْرَتِهِ لِلصَّلَاةِ فَكَذَا هُنَا.

(وَ) يَلْزَمُهُ أَيْضًا شِرَاؤُهُ بِ (زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ) عُرْفًا؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا يَسِيرٌ وَقَدْ اُغْتُفِرَ الْيَسِيرُ فِي النَّفْسِ (كَضَرَرٍ يَسِيرٍ فِي بَدَنِهِ مِنْ صُدَاعٍ أَوْ بَرْدٍ) فَهُنَا أَوْلَى وَ (لَا) يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ (بِثَمَنٍ يَعْجَزُ عَنْهُ) وَيَتَيَمَّمُ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الثَّمَنِ يُبِيحُ الِانْتِقَالَ إلَى الْبَدَلِ، كَالْعَجْزِ عَنْ ثَمَنِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الْمَاءِ بِثَمَنٍ (يَحْتَاجُهُ لِنَفَقَةٍ وَنَحْوِهَا) كَقَضَاءِ دَيْنِهِ وَمُؤْنَةِ سَفَرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ نَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ مِنْ مُؤْنَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا (وَحَبْلٍ وَدَلْوٍ كَمَا) يَلْزَمُ شِرَاؤُهُمَا بِثَمَنِ مَالٍ أَوْ أَزْيَدَ يَسِيرًا، إذَا احْتَاجَ إلَيْهِمَا.

وَ (يَلْزَمُهُ طَلَبُهُمَا) أَيْ: الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ، أَيْ: اسْتَعَارَتُهُمَا لِيُحَصِّلَ بِهِمَا الْمَاءَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (وَ) يَلْزَمُهُ (قَبُولُهُمَا) أَيْ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ (عَارِيَّةً) لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ يَسِيرَةٌ.

(وَإِنْ قَدَرَ عَلَى) اسْتِخْرَاجِ (مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبِهِ، يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ لَزِمَهُ) ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَاءِ، كَمَا لَوْ وَجَدَ حَبْلًا وَدَلْوًا (إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ) الَّذِي يَسْتَخْرِجُهُ فِي مَكَانِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، كَشِرَائِهِ (وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ قَرْضًا وَكَذَا) يَلْزَمُهُ قَبُولُ (ثَمَنِهِ) قَرْضًا (وَلَهُ مَا يُوَفِّيهِ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمِنَّةَ فِي ذَلِكَ يَسِيرَةٌ وَ (لَا) يَلْزَمُهُ (اقْتِرَاضُ ثَمَنِهِ) أَيْ الْمَاءِ لِلْمِنَّةِ (وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ) إذَا بُذِلَ لَهُ (هِبَةً) لِسُهُولَةِ الْمِنَّةِ فِيهِ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً.

وَ (لَا) يَلْزَمُهُ قَبُولُ (ثَمَنِهِ) هِبَةً لِلْمِنَّةِ (وَلَا) يَلْزَمُهُ (شِرَاؤُهُ) أَيْ الْمَاءِ (بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ) وَلَوْ قَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ ضَرَرًا فِي بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ وَرُبَّمَا تَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ أَدَائِهِ، وَكَالْهَدْيِ وَقَالَ الْقَاضِي يَلْزَمُهُ كَالرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ وَأُجِيبُ: بِأَنَّ الْفَرْضَ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمُكَفِّرِ.

(فَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ جَرِيحًا وَنَحْوِهِ) بِأَنْ كَانَ بِهِ قُرْحٌ (وَتَضَرَّرَ) بِغَسْلِهِ وَمَسْحِهِ بِالْمَاءِ (تَيَمَّمَ لَهُ) أَيْ لِلْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ، لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) يَتَيَمَّمُ أَيْضًا (لِمَا يَتَضَرَّرُ بِغَسْلِهِ مِمَّا قَرُبَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْجَرِيحِ وَنَحْوِهِ، لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْحُكْمِ.

(فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ضَبْطِهِ) أَيْ: ضَبْطِ الْجَرِيحِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ مِمَّا يَتَضَرَّرُ بِغَسْلِهِ (لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ قَدَرَ) عَلَى الِاسْتِنَابَةِ، بِأَنْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَنِيبُهُ وَأُجْرَتَهُ إنْ طَلَبَهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ (كَفَاهُ التَّيَمُّمُ) فَيُصَلِّي بِهِ وَلَا إعَادَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>