وَالْمِئْزَرِ وَيَدْخُلُ الْمَاءُ تَبَعًا) ؛؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الشُّرْبِ؛ فَإِنَّ الْمَاءَ مَبِيعٌ، وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ دَخَلَ الْحَمَّامَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ فَوْقَ الْمُعْتَادِ؛؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ لَفْظًا وَلَا عُرْفًا بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَاسْتِعْمَالِهِ مِنْ الْمَوْقُوفِ فَوْقَ الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ: يَجِبُ صَرْفُ الْوَقْفُ لِلْجِهَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْوَاقِفُ.
(وَيَجُوزُ إجَارَةُ دَارٍ بِسُكْنَى دَارٍ) أُخْرَى (وَ) بِ (خِدْمَةِ عَبْدٍ وَ) بِ (تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ) لِقِصَّةِ شُعَيْبٍ؛ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ النِّكَاحَ عِوَضَ الْأُجْرَةِ، وَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ جَازَ عِوَضًا فِي الْإِجَارَةِ، فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ عَيْنًا جَازَ أَنْ يَكُونَ مَنْفَعَةً سَوَاءٌ كَانَ الْجِنْسُ وَاحِدًا كَالْأَوَّلِ، أَوْ مُخْتَلِفًا كَالثَّانِي قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: فَإِذَا دَفَعْتَ عَبْدَكَ إلَى خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ أَوْ نَحْوِهِمَا لِيُعَلِّمَهُ ذَلِكَ الْعَمَلَ بِعَمَلِ الْغُلَامِ سَنَةً جَازَ ذَلِكَ فِي مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعِنْدَنَا.
(وَتَصِحُّ إجَارَةُ حُلِيٍّ بِأُجْرَةٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَكَذَا) بِأُجْرَةٍ (مِنْ جِنْسِهِ؛) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِهَا مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً مَعَ بَقَائِهَا، فَجَازَتْ إجَارَتُهُ كَالْأَرَاضِيِ (مَعَ الْكَرَاهَةِ) أَيْ يُكْرَهُ إجَارَةُ الْحُلِيِّ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ، خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ: لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَكُّ بِالِاسْتِعْمَالِ فَيَذْهَبُ مِنْهُ جُزْءٌ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً لِيَحْصُلَ الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا وَمُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَيُفْضِي إلَى بَيْعِ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ، لَا فِي مُقَابَلَةِ الذَّاهِبِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ إجَارَةُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ؛ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
(وَإِنْ قَالَ) صَاحِبُ الثَّوْبِ لِخَيَّاطٍ: (إنْ خِطْتَ هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ) فَلَكَ دِرْهَمٌ (أَوْ) إنْ خِطْتَهُ (رُومِيًّا فَلَكَ دِرْهَمٌ وَ) إنْ خِطْتَهُ (غَدًا أَوْ فَارِسِيًّا فَ) لَكَ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَصِحَّ، (أَوْ) قَالَ رَبُّ أَرْضٍ: (إنْ زَرَعْتَهَا بُرًّا) فَبِخَمْسَةٍ (أَوْ) قَالَ رَبُّ حَانُوتٍ: (إنْ فَتَحْتَ خَيَّاطًا فَبِخَمْسَةٍ، وَ) إنْ زَرَعْتَ (ذُرَةً أَوْ) فَتَحْتَ (حَدَّادًا فَبِعَشَرَةٍ وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَمْ يَقَعْ فِيهِ جَزْمٌ (لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ؛؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعِوَضُ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَنَحْوِهِمَا، فَلَمْ يَصِحَّ، كَبِعْتُكَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا، أَوْ إحْدَى عَشَرَ نَسِيئَةً مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ.
(وَإِنْ أَكْرَاهُ دَابَّةً وَقَالَ: إنْ رَدَدْتَهَا الْيَوْمَ فَبِخَمْسَةٍ وَغَدًا فَبِعَشَرَةٍ، أَوْ أَكْرَاهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (وَمَا زَادَ فَلِكُلِّ يَوْمٍ كَذَا، صَحَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ؛؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لِكُلِّ زَمَنٍ عِوَضًا مَعْلُومًا فَصَحَّ (وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكْتَرِيَ مُدَّةً مَجْهُولَةً كَ) اكْتِرَائِهِ فَرَسًا (مُدَّةَ غَزَاتِهِ أَوْ غَيْرَهَا؛) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَتَى تَنْقَضِي وَقَدْ تَطُولُ وَتَقْصُرُ، فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ (وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا جَازَ) وَصَحَّ الْعَقْدُ؛ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَكْرَاهُ) (
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute