الدَّارَ وَنَحْوَهَا (كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، أَوْ) اكْتَرَاهُ لِلسَّقْيِ (كُلَّ دَلْوٍ بِتَمْرَةٍ، صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «جُعْتُ مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ قَدْ جَمَعَتْ بَذْرًا، فَظَنَنْتُ أَنَّهَا تُرِيدُ بَلَّهُ، فَقَاطَعْتُهَا كُلَّ ذُنُوبٍ بِتَمْرَةٍ، فَمَدَدْتُ سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا، فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةً، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إذَا بَاعَهُ الصُّبْرَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَعَلَى هَذَا تَلْزَمُ الْإِجَارَةُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَمَا بَعْدَهُ يَكُونُ مُرَاعًى وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ.
(وَكُلَّمَا دَخَلَ شَهْرٌ لَزِمَهُمَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَفْسَخَا) الْإِجَارَةَ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ بِمَنْزِلَةِ إيقَاعِ الْعَقْدِ عَلَى عَيْنِهِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَقْدِ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ أَجْرِهِ، وَالرِّضَا بِبَذْلِهِ بِهِ جَرَى ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ، وَصَارَ كَالْبَيْعِ بِالْمُعَاطَاةِ إذَا جَرَى مِنْ الْمُسَاوَمَةِ مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَا بِهَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي.
(وَلِكُلِّ) وَاحِدٍ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ (الْفَسْخُ عَقِبَ تَقَضِّي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى الْفَوْرِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ) بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْإِجَارَةَ فِي الشَّهْرِ الْآخَرِ وَلَيْسَ بِفَسْخٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ لَمْ يَثْبُتْ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَفِي الرِّعَايَةِ: قُلْتُ: أَوْ يَقُولَ إذَا مَضَى هَذَا الشَّهْرُ فَقَدْ فَسَخْتُ انْتَهَى.
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخٍ بِشَرْطٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: إذَا تَرَكَ التَّلْبِيسَ بِهِ فَهُوَ كَالْفَسْخِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ؛ لِعَدَمِ الْعَقْدِ.
(وَلَوْ آجَرَهُ) دَارًا أَوْ نَحْوَهَا (شَهْرًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ، لَمْ يَصِحَّ) الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ.
(وَلَوْ قَالَ) الْمُؤَجِّرُ: (آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا وَمَا زَادَ فَبِحُسْبَانِهِ، صَحَّ) الْعَقْدُ (فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ) فَقَطْ؛؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ دُونَ مَا بَعْدَهُ.
(وَ) إنْ قَالَ: (آجَرْتُك دَارِي عِشْرِينَ شَهْرًا) مِنْ وَقْتِ كَذَا (كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ) الْعَقْدُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ وَالْأُجْرَةَ مَعْلُومَانِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الْفَسْخُ؛؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ وَاحِدَةٌ، أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ عِشْرِينَ شَهْرًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا.
(وَ) إنْ قَالَ رَبُّ صُبْرَةٍ: (اسْتَأْجَرْتُكَ لِحَمْلِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ إلَى مِصْرَ بِعَشَرَةٍ) صَحَّ؛ لِأَنَّهُ عَيَّنَ الْمَحْمُولَ وَالْمَحْمُولَ إلَيْهِ (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (لِحَمْلِهَا) لِي كَذَا (كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ) صَحَّ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ مَعْلُومٌ وَأَجْرُهُ مَعْلُومٌ، وَجَهَالَةُ عَدَدِ قُفْزَانِهَا تَزُولُ بِاكْتِيَالِهَا (أَوْ) قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ (لِتَحْمِلَهَا لِي) إلَى كَذَا (كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، وَمَا زَادَ) عَلَى الْقَفِيزِ (فَبِحِسَابِ ذَلِكَ صَحَّ) الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ.
(وَكَذَلِكَ (
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute