أَوْ نَصْلٍ " وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَاخْتُصَّتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِأَخْذِ الْعِوَضِ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ الْمَأْمُورِ بِتَعْلِيمِهَا وَإِحْكَامِهَا وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: تَحْرِيمَ الرِّهَانِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ إجْمَاعًا.
وَقَوْلُهُ " لِلرِّجَالِ " أَخْرَجَ النِّسَاءُ لِأَنَّهُنَّ لَسْنَ مَأْمُورَاتٍ بِالْجِهَادِ (بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِتَجُوزُ (أَحَدُهَا: تَعْيِينُ الْمَرْكُوبَيْنِ بِالرُّؤْيَةِ) سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ (وَتَسَاوِيهِمَا فِي ابْتِدَاءِ الْعَدْوِ وَانْتِهَائِهِ، وَتَعَيُّنِ الرُّمَاةِ سَوَاءٌ كَانَا اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَتَيْنِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْمُسَابَقَةِ مَعْرِفَةُ سُرْعَةِ عَدْوِ الْمَرْكُوبَيْنِ اللَّذَيْنِ يُسَابَقُ عَلَيْهِمَا.
وَفِي الْمُنَاضَلَةِ، مَعْرِفَةُ حِذْقِ الرُّمَاةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّعْيِينِ بِالرُّؤْيَةِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ عَدْوِ مَرْكُوبٍ بِعَيْنِهِ، وَمَعْرِفَةُ حِذْقِ رَامٍ بِعَيْنِهِ لَا مَعْرِفَةُ عَدْوِ مَرْكُوبٍ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ حِذْقِ رَامٍ فِي الْجُمْلَةِ.
فَلَوْ عَقَدَ اثْنَانِ مُسَابَقَةً عَلَى خَيْلٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُنَاضَلَةٍ وَمَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نَفَرٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجُزْ (وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الرَّاكِبَيْنِ وَلَا الْقَوْسَيْنِ وَلَا السِّهَامِ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ عَدْوِ الْفَرَسِ، وَحِذْقِ الرَّامِي، دُونَ الرَّاكِبِ وَالْقَوْسِ وَالسِّهَامِ لِأَنَّ آلَةَ الْمَقْصُودِ مِنْهَا، فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهَا كَالسَّرْجِ.
(وَلَوْ عَيَّنَهَا لَمْ تُعَيَّنْ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَكُلُّ مَا تَعَيَّنَ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ، كَالْمُتَعَيَّنِ فِي الْبَيْعِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ) فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُرْمَى بِغَيْرِ هَذَا الْقَوْسِ أَوْ بِغَيْرِ هَذَا السَّهْمِ، أَوْ لَا يَرْكَبَ غَيْرُ هَذَا الرَّاكِبِ فَهُوَ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ.
الشَّرْطُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَرْكُوبَانِ وَالْقَوْسَانِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ مَعْلُومٌ بِحُكْمِ الْعَادَةِ أَشْبَهَا الْجِنْسَيْنِ (فَلَا تَصِحُّ) الْمُسَابَقَةُ (بَيْنَ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ وَهَجِينٍ) وَهُوَ مَا أَبُوهُ فَقَطْ عَرَبِيٌّ.
(وَلَا) الْمُنَاضَلَةُ (بَيْنَ قَوْسٍ عَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ) وَالْعَرَبِيَّةُ قَوْسُ النَّبْلِ وَالْفَارِسِيَّةُ قَوْسُ النُّشَّابِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (وَلَا يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِالْقَوْسِ الْفَارِسِيَّةِ) وَلَا الْمُسَابَقَةُ بِهَا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يُكْرَهُ الرَّمْيُ بِهَا لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى مَعَ رَجُلٍ قَوْسًا فَارِسِيَّةً، فَقَالَ: أَلْقِهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْقِسِيِّ الْعَرَبِيَّةِ، وَبِرِمَاحِ الْقَنَا فَبِهَا يُؤَيِّدُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، وَبِهَا يُمَكِّنُ اللَّهُ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ» وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَعَنَهَا لِحَمْلِ الْعَجَمِ لَهَا فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا وَمَنَعَ الْعَرَبَ مِنْ حَمْلِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِهَا الشَّرْطُ (الثَّالِثُ: تَحْدِيدُ الْمَسَافَةِ وَالْغَايَةِ) بِأَنْ يَكُونَ لِابْتِدَاءِ عَدْوِهِمَا وَآخِرِهِ غَايَةٌ لَا يَخْتَلِفَانِ فِيهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْأَسْبَقِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَسَاوِيهِمَا فِي الْغَايَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا قَدْ يَكُونُ مُقَصِّرًا فِي ابْتِدَاءِ عَدْوِهِ سَرِيعًا فِي آخِرِهِ وَبِالْعَكْسِ.
(وَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute