تَحْدِيدِ (مَدَى الرَّمْيِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَخْتَلِفُ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ (وَيُعْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ مَدَى الرَّمْيِ (بِالْمُشَاهَدَةِ) نَحْوُ مِنْ هُنَا إلَى هُنَاكَ (أَوْ بِالذِّرَاعِ نَحْوُ: مِائَةَ ذِرَاعٍ أَوْ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ) .
وَهُوَ مَا تَتَعَذَّرُ الْإِصَابَةُ فِيهِ غَالِبًا (وَهُوَ مَا زَادَ فِي الرَّمْيِ عَلَى ثَلَاثمِائَةِ ذِرَاعٍ، فَلَا يَصِحُّ) لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهِ الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ بِالرَّمْيِ قِيلَ: إنَّهُ مَا رَمَى فِي أَرْبَعمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ.
(وَلَا يَصِحُّ تَنَاضُلُهُمَا أَنَّ السَّبَقَ لَا يَعْدُوهُمَا رَمْيًا) لِعَدَمِ تَحْدِيدِ الْغَايَةِ الشَّرْطُ (الرَّابِعُ: كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا، إمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ أَوْ بِالْقَدْرِ أَوْ بِالصِّفَةِ) لِأَنَّهُ مَالٌ فِي عَقَدٍ فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ.
وَالْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْقَدْرِ إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ أَوْ أَغْلَبُ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفِ ذِكْرُ الْقَدْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ (وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ) الْعِوَض (حَالًّا وَمُؤَجَّلًا) وَ (أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا) كَالثَّمَنِ وَالصَّدَاقِ (وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ) الْعِوَضُ (مُبَاحًا) كَالصَّدَاقِ وَالْبَيْعِ فَلَا تَصِحُّ عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ بَذْلُ الْعِوَضِ الْمَذْكُورِ (تَمْلِيكٌ) لِلسَّابِقِ (بِشَرْطِ سَبْقِهِ) فَلِهَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ الْقِيَاسُ: لَا يَصِحُّ انْتَهَى قُلْت: فِي كَلَامِهِمْ أَنَّهُ جِعَالَةٌ، فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ التَّمْلِيكِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَرْطٍ مَحْضٍ الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ عَنْ شِبْهِ الْقِمَارِ) لِأَنَّ الْقِمَارَ مُحَرَّمٌ فَشِبْهُهُ مِثْلُهُ، وَالْقِمَارُ بِكَسْرِ الْقَافِ مَصْدَرُ قَامَرَهُ فَقَمَرَهُ، إذَا رَاهَنَهُ فَغَلَبَهُ (بِأَنْ لَا يُخْرِجَ جَمِيعَهُمْ) لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ قِمَارٌ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ.
وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ سَالِمًا مِنْ الْغُرْمِ (فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْإِمَامِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) جَازَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ وَحَثًّا عَلَى تَعْلِيمِ الْجِهَادِ وَنَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ) كَانَ الْجُعْلُ (مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ بَذْلُهُ مِنْ غَيْرِهِمَا فَمِنْ أَحَدِهِمَا أَوْلَى، وَكَذَا لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً، فَأَخْرَجَ اثْنَانِ مِنْهُمْ، أَوْ أَرْبَعَةٌ فَأَخْرَجَ ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ وَنَحْوُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخْذُهُ جَازَ.
فَإِنْ جَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا لِأَنَّهُ لَا سَابِقَ فِيهِمَا.
(وَإِنْ سَبَقَ الْمُخْرِجُ) لِلْجُعْلِ (أَحْرَزَ سَيْفَهُ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ مَا أَخْرَجَهُ (وَلَمْ يَأْخُذْ) السَّابِقُ (مِنْ الْآخَرِ) الْمَسْبُوقِ (شَيْئًا) لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ قِمَارًا (وَإِنْ سَبَقَ مَنْ لَمْ يَخْرُجْ أَحْرَزَ سَبَقَ صَاحِبِهِ) فَمَلَكَهُ وَكَانَ كَسَائِرِ مَالِهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ فِي الْجِعَالَةِ، فَمَلَكَ فِيهَا كَالْعِوَضِ الْمَجْعُولِ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ دَيْنٌ يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ.
وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ أَفْلَسَ ضَرَبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ (وَإِنْ أَخْرَجَا) أَيْ الْمُتَسَابِقَانِ (مَعًا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِمَارًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَغْنَمَ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute