للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ) أَيْ فِي قِيمَتِهَا أَكْثَرِ مَا كَانَتْ (أَرْشُ بَكَارَتِهَا وَنَقْصُ وِلَادَتِهَا) لِأَنَّهَا تُقَوَّمُ بِكْرًا لَا نَقْصَ بِهَا وَعَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهَا تُقَوَّمُ يَوْمَ التَّلَفِ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ بَلْ يُضَمُّ إلَى قِيمَتِهَا (وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي قِيمَتِهَا أَكْثَرِ مَا كَانَتْ (ضَمَانُ وَلَدِهَا) لَوْ مَاتَ.

(وَلَا مَهْرَ مِثْلِهَا) بَلْ يُضَمُّ ذَلِكَ إلَى الْقِيمَةِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ وَمَتَى انْتَقَلَتْ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ عَنْ يَدِ الْغَاصِبِ إلَى غَيْرِ الْمَالِكِ لَهَا فَالْمُنْتَقِلَةُ إلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ فِي كَوْنِ الْمَالِكِ يَمْلِكُ تَضْمِينَهُ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ كَانَ غَاصِبًا وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ» وَلِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ صَارَتْ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَمَلَكُ الْمَالِكِ تَضْمِينَهُ، كَمَا يَمْلِكُ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ، لَكِنْ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مَا دَخَلَ ضَمَانه مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَمَا عَدَاهُ فَعَلَى الْغَاصِبِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ.

إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ عَشَرَةٌ تَأْتِي مُفَصَّلَةً.

فَمَنْ غَصَبَ أَمَةً بِكْرًا فَبَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لِإِنْسَانٍ أَوْ زَوَّجَهَا لَهُ وَنَحْوُهُ، وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ عِنْدَهُ، أَوْ غَصَبَ دَارًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ عَبْدًا ذَا صِنَاعَةٍ أَوْ بَهِيمَةً ثُمَّ بَاعَ ذَلِكَ أَوْ وَهَبَهُ وَنَحْوُهُ مِمَّنْ اسْتَغَلَّهُ إلَى أَنْ تَلِفَ عِنْدَهُ، ثَمَّ حَضَرَ الْمَالِكُ فَلَهُ تَضْمِينُ أَيُّهُمَا شَاءَ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ بَاعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ (أَوْ وَهَبَهَا وَنَحْوُهُمَا) بِأَنْ جَعَلَهَا صَدَاقًا أَوْ عِوَضًا فِي خُلْعٍ أَوْ طَلَاقٍ، أَوْ عَنْ قَرْضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (مِنْ كُلِّ قَابِضٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِب تَمَلُّكًا بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِعَالِمٍ بِالْغَصْبِ فَوَطِئَهَا) الْقَابِضُ وَأَوْلَدَهَا (فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيُّهُمَا شَاءَ) أَيْ الْغَاصِبَ أَوْ الْقَابِضَ (نَقْصَهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ.

(وَمَهْرَهَا وَأُجْرَتَهَا وَأَرْشَ بَكَارَتِهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا إنْ تَلِفَ) وَلَدُهَا (فَإِنْ ضَمَّنَ) الْمَالِكُ (الْغَاصِبَ) ذَلِكَ (رَجَعَ) الْغَاصِبُ (عَلَى الْآخَرِ) وَهُوَ الْقَابِضُ مِنْهُ بِمَا ضَمَّنَهُ لَهُ الْمَالِكُ (لِحُصُولِ التَّلَفِ فِي يَدِهِ) الْعَادِيَةِ، حَيْثُ عَلِمَ بِالْغَصْبِ (وَإِنْ ضَمَّنَ) الْمَالِكُ (الْآخَرَ) أَيْ الْقَابِضَ مِنْ الْغَاصِبِ الْعَالِمِ بِالْحَالِ جَمِيعَ ذَلِكَ (لَمْ يَرْجِعْ) الْقَابِضُ بِمَا غَرِمَهُ (عَلَى أَحَدٍ) لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، لِدُخُولِهِ عَلَى بَصِيرَةٍ.

(وَالنَّقْصُ وَالْأُجْرَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ) وَنَحْوِهِمَا (عَلَى الْغَاصِبِ) فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ تَضْمِينَهُمَا لِلْقَابِضِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْهَبَا تَحْتَ يَدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْمُتَّهَبُ (بِالْغَصْبِ فَهُمَا كَالْغَاصِبِ فِي جَوَازِ تَضْمِينِهِمَا الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ) مِنْ حِينِ الْقَبْضِ لِمَا تَقَدَّمَ (لَكِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا لَمْ يَلْتَزِمَا ضَمَانَهُ) أَيْ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْعَقْدُ ضَمَانَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>