للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَقْدُ الْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، حَتَّى لَوْ تَلِفَ فَاتَ مَجَّانًا بِخِلَافِ الْمَنَافِعِ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِيَّ تَبَعًا لِلْعَيْنِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَعَقْدُ الْإِجَارَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ الْعَيْنِ، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إنَّمَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ خَاصَّةً فَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بِالْأُجْرَةِ وَالْعَيْنُ مَعَهُ أَمَانَةٌ لَمْ يَلْتَزِمْ ضَمَانَهَا.

الْوَدِيعَةُ وَالْهِبَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ ضَمَانِ الْعَيْنِ، وَالْمَنْفَعَةِ وَالْعَارِيَّةُ تَقْتَضِي ضَمَانَ الْعَيْنِ دُونَ الْمَنْفَعَةِ وَهَكَذَا تَقُولُ فِي كُلِّ عَقْدٍ بِحَسَبِهِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْأَيْدِي الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ يَدُ الْمُشْتَرِي، وَالْمُسْتَعِيرِ وَإِلَيْهِمَا.

أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ ضَمَّنَ) الْمَالِكُ (الْمُشْتَرِيَ) الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ (أَوْ) ضَمَّنَ (الْمُسْتَعِيرَ) الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ (رَجَعَا) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ عَلَى الْغَاصِبِ (بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ) إذْ هِيَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِمَا (دُونَ الْعَيْنِ) فَإِنَّهَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِمَا لِدُخُولِهِمَا فِي الْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهَا.

الثَّالِثَةُ يَدُ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (الْمُسْتَأْجِرُ) إنْ جَهِلَ الْغَصْبَ (عَكْسُهُمَا) يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى ضَمَانِ الْمَنْفَعَةِ دُونَ الْعَيْنِ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْغَاصِبَ الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ رَجَعَ الْغَاصِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ ضَمِنَهُمَا الْمُسْتَأْجِرَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ.

الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ: الْمُمَلِّكُ بِلَا عِوَضٍ وَالْقَابِضُ بِعَقْدِ أَمَانَةٍ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ.

(وَإِنْ ضَمَّنَ) الْمَالِكُ (الْمُودَعَ) وَلَمْ يَكُنْ فَرَّطَ (أَوْ الْمُتَّهَبَ) وَمِثْلُهُ الْمُهْدَى إلَيْهِ وَالْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ: الْعَيْنَ وَالْمَنْفَعَةَ (رَجَعَا) أَيْ: الْمُودَعُ وَالْمُتَّهَبُ (بِهِمَا) عَلَى الْغَاصِبِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمَا لِتَغْرِيرِهِ لَهُمَا، وَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ضَمَانِ شَيْءٍ وَمِثْلُ الْمُودَعِ الْوَكِيلُ وَالْمُرْتَهِنُ وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ وَالْأَمِينَ فِي الرَّهْنِ إذَا بَاعَا وَقَبَضَا الثَّمَنَ ثَمَّ بَانَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ أَيْ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْعَيْنِ لَا يُطَالِبُ الْوَكِيلَ بِهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ رَجَبٍ.

(وَإِنْ ضَمَّنَ) الْمَالِكُ (الْغَاصِبَ رَجَعَ) الْغَاصِبُ (عَلَى الْآخَرِ بِمَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) الْقَابِضُ (عَلَيْهِ لَوْ ضَمَّنَهُ) الْمَالِكُ ابْتِدَاءً فَفِي مَسْأَلَتَيْ الْوَدِيعَةِ وَالْهِبَةِ إذَا ضُمِّنَ الْغَاصِبُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُتَّهَبِ، وَلَا عَلَى الْوَدِيعِ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ضَمَانِ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَا عَالِمَيْنِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِمَا الضَّمَانُ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنَافِعِ كَالْمُتَّهَبِ.

(وَيَسْتَرِدُّ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الْغَاصِبِ مَا دَفَعَا إلَيْهِ مِنْ الْمُسَمَّى) فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ جَهِلَا أَوْ عَلِمَا بِالْغَصْبِ لِانْتِفَاءِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيهِمَا، لِأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُؤَجِّرَ لَيْسَ مَالِكًا

<<  <  ج: ص:  >  >>