التَّخَلُّصُ فَغَرِقَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُقْتَلْ غَالِبًا بِأَنْ فَعَلَا قَرِيبًا مِنْ السَّاحِلِ (فَ) هُوَ (شِبْهُ عَمْدٍ) كَمَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ فَغَرِقَ بِهِ (وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الصَّادِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ عَمْدٍ) أَيْ: مَعَ تَعَمُّدِهِمَا الصَّدْمَ بَلْ يُعْتَدُّ بِهِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا شَارَكَ الْآخَرَ فِي قَتْلِ نَفْسِهِ.
فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِ إلَّا نِصْفُ دِيَتِهِ وَإِنْ مَاتَا وَجَبَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَتِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْآخَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا سَقَطَا وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ الْأَقَلُّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَعَ خَطَأٍ فَتَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ.
(وَإِنْ خَرَقَهَا) أَيْ: خَرَقَ السَّفِينَةَ إنْسَانٌ (عَمْدًا فَغَرِقَتْ بِمَنْ فِيهَا) مِنْ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ (وَهُوَ) أَيْ: خَرْقُهُ إيَّاهَا (مِمَّا يُغْرِقُهَا غَالِبًا أَوْ يُهْلِكُ مَنْ فِيهَا) غَالِبًا (لِكَوْنِهِمْ فِي اللُّجَّةِ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِمْ بِالسِّبَاحَةِ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِي اللُّجَّةِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ: الْخَارِقِ لَهَا (الْقِصَاصُ إنْ قُتِلَ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (مَنْ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ بِفِعْلِهِ.
(وَ) عَلَيْهِ أَيْضًا (ضَمَانُ السَّفِينَةِ) لِرَبِّهَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا إذَا تَلِفَتْ وَأَرْشَ نَقْصِهَا إنْ لَمْ تَتْلَفْ (بِمَا) أَيْ: مَعَ ضَمَانِ مَا (فِيهَا مِنْ مَالٍ أَوْ نَفْسٍ) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ.
(وَإِنْ كَانَ) خَرَقَهَا (خَطَأً) بِأَنْ كَانَ بِالسَّفِينَةِ مَحِلٌّ يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ فَقَلَعَ مِنْهُ لَوْحًا لِيُصْلِحَهُ أَوْ لِيَضَعَ عِوَضَهُ فِي مَكَان لَا يُغْرِقُ بِهِ مَنْ فِيهَا غَالِبًا فَغَرِقُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ (عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ) وَكَذَا إنْ كَانَ شِبْهَ عَمْدٍ بِأَنْ قَلَعَ اللَّوْحَ مِنْ غَيْرِ دَاعٍ إلَى قَلْعِهِ لَكِنْ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ السَّاحِلِ لَا يُغْرِقُ بِهِ مَنْ فِيهَا غَالِبًا فَغَرِقَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا لَكِنْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ فِي الضَّمَانِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الدِّيَاتِ.
(وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى السَّفِينَتَيْنِ وَاقِفَةً وَ) كَانَتْ (الْأُخْرَى سَائِرَةً) وَاصْطَدَمَتَا فَغَرِقَتَا (ضَمِنَ قَيِّمُ) السَّفِينَةِ (السَّائِرَةِ) السَّفِينَةَ (الْوَاقِفَةَ إنْ فَرَّطَ) بِأَنْ أَمْكَنَهُ رَدُّهَا وَلَمْ يَفْعَلْ أَوْ لَمْ يُكْمِلْ آلَتَهَا مِنْ رِجَالٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِتَقْصِيرِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ نَامَ وَتَرَكَهَا سَائِرَةً بِنَفْسِهَا حَتَّى صَدَمَتْهَا وَأَمَّا قَيِّمُ الْوَاقِفَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٌ أَشْبَهَ النَّائِمَ فِي الصَّحْرَاءِ إذَا عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَتَلِفَ وَيَأْتِي إذَا اصْطَدَمَ نَفْسَانِ فِي كِتَابِ (الدِّيَاتِ) مُفَصَّلًا.
(وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مُنْحَدِرَةً) وَالْأُخْرَى مُصْعِدَةً (فَعَلَى صَاحِبِهَا) أَيْ: الْمُنْحَدِرَةِ (ضَمَانُ الْمُصْعِدَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُنْحَدِرَةَ تَنْحَطُّ عَلَى الْمُصْعِدَةِ مِنْ عُلُوٍّ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِغَرَقِهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى قَيِّمِ الْمُصْعِدَةِ تَنْزِيلًا لِلْمُنْحَدِرَةِ مَنْزِلَةَ السَّائِرَةِ وَلِلْمُصْعِدَةِ مَنْزِلَةُ الْوَاقِفَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) قَيِّمُ الْمُنْحَدِرَةِ (غَلَبَهُ الرِّيحُ) أَوْ نَحْوُهُ عَنْ ضَبْطِهَا (أَوْ) إلَّا أَنْ يَكُونَ (الْمَاءُ شَدِيدًا) .
وَفِي نُسْخَةٍ: الشَّدِيدُ (الْجَرْيَةِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ضَبْطِهَا) فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute