ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي وُسْعِهِ وَ: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَلِأَنَّ التَّلَفَ يُمْكِنُ اسْتِنَادُهُ إلَى الرِّيحِ أَوْ شِدَّةِ جَرَيَانِ الْمَاءِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَسَوَاءٌ فَرَّطَ الْمُصْعِدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَأَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَأَحْمَدُ قَالَ فِي الْمُغْنِي: إنْ فَرَّطَ الْمُصْعِدُ بِأَنْ أَمْكَنَهُ الْعُدُولُ بِسَفِينَتِهِ وَالْمُنْحَدِرُ غَيْرُ قَادِرٍ وَلَا مُفَرِّطٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُصْعِدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَرِّطُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُصْعِدَ يُؤَاخَذُ بِتَفْرِيطِهِ.
(وَلَوْ أَشْرَفَتْ السَّفِينَةُ عَلَى الْغَرَقِ فَ) الْوَاجِبُ (عَلَى الرُّكْبَانِ إلْقَاءُ بَعْضِ الْأَمْتِعَةِ حَسْبَ الْحَاجَةِ) أَيْ: يَجِبُ إلْقَاءُ مَا تُظَنُّ بِهِ النَّجَاةُ مِنْ الْمَتَاعِ وَلَوْ كُلَّهُ
دَفْعًا لِأَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِأَخَفِّهِمَا
؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَتَاعِ (وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الدَّوَابِّ) الْمُحْتَرَمَةِ (حَيْثُ أَمْكَنَ التَّخْفِيفُ بِالْأَمْتِعَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَلْجَأَتْ الضَّرُورَةُ إلَى إلْقَائِهَا) أَيْ: الدَّوَابِّ (جَازَ) إلْقَاؤُهَا (صَوْنًا لِلْآدَمِيِّينَ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَعْظَمُ حُرْمَةً (وَالْعَبِيدُ) فِي وُجُوبِ الْحِفْظِ (كَالْأَحْرَارِ) لِاسْتِوَائِهِمْ فِي الْحُرْمَةِ.
(وَإِنْ تَقَاعَدُوا) حَالَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَرَقِ (عَنْ الْإِلْقَاءِ) عَنْ الْمَتَاعِ أَوْ مَعَ الدَّوَابِّ (مَعَ الْإِمْكَانِ) وَدُعَاءِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ (أَثِمُوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] (وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِيهِ) أَيْ: فِيمَا يُلْقِيهِ مِنْ مَتَاعِهِ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَرَقِ فَلَا يَضْمَنهُ لَهُ أَحَدٌ.
(وَلَوْ أَلْقَى مَتَاعَهُ وَمَتَاعَ غَيْرِهِ) مَعَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ) مِنْ الْمُلْقِي أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ (وَإِنْ امْتَنَعَ) إنْسَانٌ (مِنْ إلْقَاءِ مَتَاعِهِ فَلِلْغَيْرِ إلْقَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ: الْمَتَاعَ الْمُلْقَى مَعَ امْتِنَاعِ رَبِّهِ (الْمُلْقِي) لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ رِضَاهُ (وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ فِي الضَّمَانِ) فَلْيُعَاوَدْ.
(وَمَنْ أَتْلَفَ) مِزْمَارًا وَنَحْوَهُ بِأَنْ حَرَقَهُ وَأَلْقَاهُ فِي نَحْوِ بَحْرٍ (أَوْ كَسَرَ مِزْمَارًا) بِكَسْرِ الْمِيمِ (أَوْ طُنْبُورًا) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (أَوْ صَلِيبًا أَوْ) كَسَرَ (إنَاءَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) لَمْ يَضْمَنْهُ، وَأَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً بِلَا صِنَاعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَا خِلَافَ فِيهِ انْتَهَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آلَةِ اللَّهْوِ: أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا يَتْبَعَانِ الصَّنْعَةَ بَلْ هُمَا مَقْصُودَانِ عَمَلًا أَوْ كَسْرًا وَالْخَشَبَ وَالرِّقَّ يَصِيرَانِ تَابِعَيْنِ لِلصِّنَاعَةِ فَالصِّنَاعَةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْغِنَاءِ فِي الْآدَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ أَقَلُّ مِنْ الْأَصْلِ وَالْخَشَبَ وَالرِّقَّ لَا يَبْقَى مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ بَلْ يَتْبَعُ الصُّورَةَ أَشَارَ إلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute