لِمَنْ وَاثَبَهَا» رَوَاهُ الْفُقَهَاءُ فِي كُتُبِهِمْ وَرَدَّهُ الْحَارِثِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ «الشُّفْعَةُ كَحَلِّ الْعِقَالِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ ثُبُوتَهَا عَلَى التَّرَاخِي رُبَّمَا أَضَرَّ بِالْمُشْتَرِي؛ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ (بِأَنْ يُشْهِدَ) الشَّفِيعُ (بِالطَّلَبِ) بِالشُّفْعَةِ (حِينَ يَعْلَمُ) بِالْبَيْعِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِلشَّفِيعِ (عُذْرٌ) يَمْنَعهُ مِنْ الطَّلَبِ (ثُمَّ) إذَا أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ (لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ) الْمُشْتَرِي (وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ) أَوْ أَشْهُرٍ أَوْ سِنِينَ؛ لِأَنَّ إشْهَادَهُ دَلِيلٌ عَلَى رَغْبَتِهِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُطَالَبَةِ حُضُورُ الْمُشْتَرِي لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ اشْتَرَطَهُ كَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ: أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ مُوَاجَهَةُ الشَّفِيعِ لَهُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمَذْهَبُ الْإِجْزَاءُ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ مَسَائِلهِ وَالْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ فِي تَمَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنْ بِقَيْدِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَإِيرَادُ الْمُصَنِّفِ - أَيْ: الْمُوَفَّقُ - هُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ وَأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُوَاجَهَةُ قَالَ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ انْتَهَى.
وَالثَّانِي مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُنْتَهَى (وَلَا) عَلَى الْأَوَّلِ: فَالْأَوْلَى أَيْضًا أَنْ (يُبَادِرَ) الشَّفِيعُ (إلَى الْمُشْتَرِي) فَيُطَالِبهُ (بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ) بِالشُّفْعَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَإِنْ بَادَرَ هُوَ) أَيْ: الشَّفِيعُ (أَوْ) بَادَرَ.
(وَكِيلُهُ) فَطَالَبَ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (مِنْ غَيْر إشْهَادٍ) أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ (فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ) لِعَدَمِ تَأْخِيرِهِ الطَّلَبَ (فَإِنْ كَانَ) لِلشَّفِيعِ (عُذْرٌ) يَمْنَعُهُ الطَّلَبَ (مِثْلُ أَنْ لَا يَعْلَمَ) بِالْبَيْعِ فَأَخَّرَ إلَى أَنْ عَلِمَ وَطَالَبَ سَاعَةَ عَلِمَ (أَوْ عَلِمَ) الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ (لَيْلًا فَأَخَّرَهُ) أَيْ: الطَّلَبَ (إلَى الصُّبْحِ) مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ عَنْهُ (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ (لِشِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ) مَعَ غَيْبَةِ مُشْتَرٍ (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ مُحْدِثٌ (لِطَهَارَةٍ) مَعَ غَيْبَةٍ (أَوْ) أَخَّرَهُ لِ (إغْلَاقِ بَابٍ أَوْ لِيَخْرُجَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ لِيَقْضِيَ حَاجَتَهُ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ (أَوْ لِيُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ وَيَأْتِيَ بِالصَّلَاةِ بِسُنَنِهَا أَوْ لِيَشْهَدَهَا فِي جَمَاعَةٍ يَخَافُ فَوْتَهَا وَنَحْوِهِ) كَمَنْ عَلِمَ وَقَدْ انْحَرَقَ ثَوْبُهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ مَالٌ فَأَخَّرَ الطَّلَبَ لِيُرَقِّعَ ثَوْبَهُ أَوْ يَلْتَمِسَ مَا سَقَطَ مِنْهُ (لَمْ تَسْقُطْ) الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَقْدِيمُ هَذِهِ الْحَوَائِجِ وَنَحْوِهَا عَلَى غَيْرِهَا فَلَا يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهَا رِضًا بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ.
كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute