لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا عِنْدَهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ (فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ) فَتَسْقُطُ بِتَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ حُضُورِهِ يُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ عَنْ أَشْغَالِهِ (إلَّا الصَّلَاةَ) فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِ الطَّلَبِ لِلصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَلَوْ مَعَ حُضُورِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ بِتَأْخِيرِ الْكَلَامِ عَنْ الصَّلَاةِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ (تَخْفِيفُهَا) أَيْ: الصَّلَاةِ (وَلَا الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُجْزِئُ) فِي الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ إكْمَالَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى رَغْبَتِهِ عَنْ الشُّفْعَةِ.
(فَإِذَا فَرَغَ) الشَّفِيعُ (مِنْ حَوَائِجِهِ مَضَى عَلَى حَسَبِ عَادَتِهِ إلَى الْمُشْتَرِي) لِيُطَالِبَهُ بِالشُّفْعَةِ (وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ (أَنْ يُسْرِعَ فِي مَشْيِهِ) إنْ مَشَى (أَوْ يُحَرِّكَ دَابَّتَهُ) إنْ رَكِبَ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ الْمَشْرُوطَ هُوَ الطَّلَبُ بِحُكْمِ الْعَادَةِ (فَإِذَا لَقِيَهُ بَدَأَهُ بِالسَّلَامِ ثُمَّ يُطَالِبُ) ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ «مِنْ بَدَأَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا تُجِيبُوهُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ (فَإِنْ قَالَ) الشَّفِيعُ (بَعْدَ السَّلَامِ مُتَّصِلًا: بَارَكْ اللَّهُ لَكَ فِي صَفْقَةِ يَمِينِكَ أَوْ دَعَا لَهُ) أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَانَ دُعَاءً لَهُ بِالْمَعُونَةِ (لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَّصِلُ بِالسَّلَامِ فَهُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ وَالدُّعَاءُ لَهُ) .
أَيْ: لِلْمُشْتَرِي (بِالْبَرَكَةِ فِي الصَّفْقَةِ دُعَاءٌ) مِنْ الشَّفِيعِ (لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ يَرْجِعُ إلَيْهِ) أَيْ: الشَّفِيعِ إذَا أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ (فَلَا يَكُونُ) ذَلِكَ الدُّعَاءُ (رِضًا) بِتَرْكِ الشُّفْعَةِ (فَإِنْ اشْتَغَلَ) الشَّفِيعُ (بِكَلَامٍ آخَرَ) غَيْرِ الدُّعَاءِ (أَوْ) سَلَّمَ ثُمَّ (سَكَتَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَطَلَتْ) شُفْعَتُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْفَوْرُ.
(وَيَمْلِكُ) الشَّفِيعُ (الشِّقْصَ) الْمَشْفُوعَ (بِالْمُطَالَبَةِ) بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ مَعَ مُلَاءَتِهِ بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ السَّابِقَ سَبَبٌ فَإِذَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ كَانَ كَالْإِيجَابِ فِي الْبَيْعِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ الْقَبُولُ (فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ (فِيهِ) أَيْ: الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ (وَيُورَثُ) الشِّقْصُ (عَنْهُ) أَيْ: الشَّفِيعِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الطَّلَبِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ.
(وَلَا يُعْتَبَرُ) لِانْتِفَالِ الْمِلْكِ إلَى الشَّفِيعِ (رِضَا مُشْتَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ قَهْرًا وَالْمَقْهُورُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ (وَلَفْظُ الطَّلَبِ) لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَقُولَ (أَنَا طَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ (أَوْ) أَنَا (مُطَالِبٌ) بِالشُّفْعَةِ (أَوْ) أَنَا (آخِذٌ بِالشُّفْعَةِ وَ) أَنَا (قَائِمٌ عَلَيْهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ.
(وَنَحْوَهَا مِمَّا يُفِيدُ مُحَاوَلَةَ الْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ كَتَمَلَّكْتُ الشِّقْصَ أَوْ انْتَزَعْتُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ ضَمَمْتُهُ إلَى مَا كُنْتُ أَمْلِكُهُ مِنْ الْعَيْنِ (فَإِنْ أَخَّرَ) الشَّرِيكُ (الطَّلَبَ مَعَ إمْكَانِهِ) أَيْ: الطَّلَبِ (وَلَوْ جَهْلًا بِاسْتِحْقَاقِهَا) أَيْ: الشُّفْعَةِ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ خَفَائِهِ غَالِبًا (أَوْ) أَخَّرَ الطَّلَبَ (جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute