أَحَدِهِمَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِمَا) أَوْ أَجْزَاءِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (غَيْر أَرْضٍ وَنَحْوِهَا) كَصَخْرٍ وَحِيطَانٍ (بِسَبْعِ غَسَلَاتِ مُنَقِّيَةٍ، إحْدَاهُنَّ بِتُرَابٍ طَهُورٍ وُجُوبًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِمُسْلِمٍ «فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَلَهُ أَيْضًا «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» .
وَلَوْ كَانَ سُؤْرُهُ طَاهِرًا لَمْ يَأْمُرْ بِإِرَاقَتِهِ وَلَا وَجَبَ غَسْلُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ وُجُوبَ الْغَسْلِ لِنَجَاسَتِهِ، وَلَمْ يُعْهَدْ التَّعَبُّدُ فِي غَسْلِ الْبَدَنِ، وَالطَّهُورُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَحَلِّ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَعَبُّدًا، لَمَا اخْتَصَّ الْغَسْلُ بِمَوْضِعِ الْوُلُوغِ، لِعُمُومِ اللَّفْظِ فِي الْإِنَاءِ كُلِّهِ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فِي الْكَلْبِ فَالْخِنْزِيرُ شَرٌّ مِنْهُ لِنَصِّ الشَّارِعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَحُرْمَةِ اقْتِنَائِهِ، فَثَبَتَ الْحُكْمُ فِيهِ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنُصَّ الشَّارِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِي الْخِنْزِيرِ عَدَدًا وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التُّرَابُ غَيْرُ الطَّهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُبْدِعِ وَالْإِنْصَافِ، وَقَدَّمَاهُ، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ تُنَقَّ النَّجَاسَةُ بِالسَّبْعِ زَادَ حَتَّى تُنَقَّى كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ وَأَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِلتُّرَابِ.
(وَ) لَكِنَّ الْغَسْلَةَ (الْأُولَى أَوْلَى) بِجَعْلِ التُّرَابِ فِيهَا لِلْخَبَرِ وَلِيَأْتِيَ الْمَاءُ بَعْدَهُ فَيُنَظِّفَهُ (وَيَقُومُ أُشْنَانٌ وَصَابُونٌ وَنُخَالَةٌ وَنَحْوُهَا) مِنْ كُلِّ مَا لَهُ قُوَّةٌ فِي الْإِزَالَةِ (مَقَامَهُ) أَيْ: التُّرَابِ (وَلَوْ مَعَ وُجُودِهِ) وَعَدَمِ تَضَرُّرِ الْمَحَلِّ بِهِ لِأَنَّ نَصَّهُ عَلَى التُّرَابِ تَنْبِيهٌ عَلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ فِي التَّنْظِيفِ.
وَ (لَا) تَقُومُ (غَسْلَةٌ ثَامِنَةٌ) مَقَامَ التُّرَابِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتُّرَابِ مَعُونَةٌ لِلْمَاءِ فِي قَطْعِ النَّجَاسَةِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ فَلَا يَحْصُلُ بِالْمَاءِ وَحْدَهُ (وَيُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ الْمَحَلِّ بِهِ) أَيْ: بِالتُّرَابِ بِأَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ مَعَ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» (إلَّا فِيمَا يَضُرّهُ) التُّرَابُ.
(فَيَكْفِي مُسَمَّاهُ) أَيْ: أَقَلُّ شَيْءٍ يُسَمَّى تُرَابًا يُوضَعُ فِي مَاءِ إحْدَى الْغَسَلَاتِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِلنَّهْيِ عَنْ إفْسَادِ الْمَالِ (وَيُعْتَبَرُ مَزْجُهُ) أَيْ: التُّرَابِ (بِمَاءٍ يُوصِلهُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ فَلَا يَكْفِي مَائِعٌ غَيْرُ الْمَاءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ.
وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: فَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يُوصِلهُ إلَيْهِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى فَ (لَا) يَكْفِي (ذَرُّهُ) أَيْ: التُّرَاب عَلَى الْمَحَلِّ الْمُتَنَجِّسِ (وَإِتْبَاعُهُ الْمَاءَ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ» إذْ الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ يَكْفِي ذَرّهُ وَيُتْبِعُهُ الْمَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَهُوَ أَظْهَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute