للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" تَتِمَّةٌ " إذَا وَلَغَ فِي الْإِنَاءِ كِلَابٌ، أَوْ أَصَابَ الْمَحَلَّ نَجَاسَاتٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْحُكْمِ فَهِيَ كَنَجَاسَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ لِأَغْلَظِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَجْزَأَ عَمَّا يُمَاثِلُ، فَعَمَّا دُونَهُ أَوْلَى وَلَوْ وَلَغَ فِيهِ فَغَسَلَ دُونَ السَّبْعِ، ثُمَّ وَلَغَ فِيهِ مَرَّةً أُخْرَى غُسِلَ لِلنَّجَاسَةِ الثَّانِيَةِ، وَانْدَرَجَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الْأُولَى.

(وَتُطَهَّرُ بَقِيَّةُ الْمُتَنَجِّسَاتِ بِسَبْعٍ مُنَقِّيَةٍ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «أُمِرْنَا أَنْ نَغْسِلَ الْأَنْجَاسَ سَبْعًا» ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُبْدِعِ وَغَيْرُهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أَمَرَ بِهِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَيَلْحَقُ بِهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا وَالْحُكْمُ لَا يَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ بِدَلِيلِ إلْحَاقِ الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يُغْسَلُ مَحَلُّ الِاسْتِنْجَاءِ سَبْعًا كَغَيْرِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ.

لَكِنْ نَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ عَدَدٌ، اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، لَا فِي قَوْلِهِ وَلَا فِي فِعْلِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا) أَيْ: بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ (تُرَابٌ) قَصْرًا لَهُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ.

(فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَحَلُّ الْمُتَنَجِّسُ (بِهَا) أَيْ: بِالسَّبْعِ (زَادَ) فِي الْغُسْلِ (حَتَّى يُنَقَّى) الْمَحَلُّ (فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ النَّجَاسَاتِ، مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ (وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنِ) النَّجَاسَةِ (أَوْ رِيحِهَا أَوْ هُمَا) أَيْ: اللَّوْنُ وَالرِّيحُ (عَجْزًا) عَنْ إزَالَتِهِمَا، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

«أَنَّ خَوْلَةَ بِنْتَ يَسَارٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَأَنَا أَحِيضُ فِيهِ قَالَ فَإِذَا طَهُرْتِ فَاغْسِلِي مَوْضِعَ الدَّمِ، ثُمَّ صَلِّي فِيهِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثَرُهُ قَالَ يَكْفِيكِ الْمَاءُ، وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَيُطَهَّرُ) الْمَحَلُّ مَعَ بَقَائِهِمَا أَوْ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا (وَيَضُرُّ) بَقَاءُ (طَعْمٍ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَقَاءِ الْعَيْنِ، وَلِسُهُولَةِ إزَالَتِهِ فَلَا يُحْكَمُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ بَقَاءِ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فِيهِ.

(وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فِي إزَالَتِهِ) أَيْ: أَثَرِ النَّجَاسَةِ (مَا يُزِيلُهُ كَالْمِلْحِ وَغَيْرِهِ، فَحَسَنٌ) لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ غِفَارٍ.

«أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْدَفَهَا عَلَى حَقِيبَتِهِ، فَحَاضَتْ قَالَتْ: فَنَزَلْتُ، فَإِذَا بِهَا دَمٌ مِنِّي فَقَالَ: مَا لَكِ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَأَصْلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أَصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنْ الدَّمِ» (وَلَا يَجِب) ذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

(وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ طَعَامٍ وَشَرَابٍ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، لِإِفْسَادِ الْمَالِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، كَمَا يُنْهَى عَنْ ذَبْحِ الْخَيْلِ الَّتِي يُجَاهَدُ عَلَيْهَا، وَالْإِبِلِ الَّتِي يُحَجُّ عَلَيْهَا، وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَاجَةِ إلَيْهَا قَالَهُ الشَّيْخُ) .

وَفِي الِاخْتِيَارَاتِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ: وَيُكْرَهُ ذَبْحُ الْفَرَسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>