للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّفْعِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ الْحِفْظِ (وَ) لِمَالِكِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا (مُطَالَبَةُ الثَّانِي) وَهُوَ الْقَابِضُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ مَا لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ، أَشْبَهَ الْمُودَعَ مِنْ الْغَاصِبِ (وَلَوْ كَانَ) الثَّانِي (جَاهِلًا بِالْحَالِ) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ لِلْمُسْتَوْدَعِ فِي إيدَاعِهَا (وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ) أَيْ: الثَّانِي (الضَّمَانُ إنْ كَانَ عَالِمًا) بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ فِي إيدَاعِهَا، فَإِنْ ضَمِنَهُ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَوْدَعُ رَجَعَ عَلَيْهِ،؛ لِأَنَّ التَّلَفَ وُجِدَ فِي يَدِهِ وَلَا تَغْرِيرَ.

(وَإِلَّا) يَكُنْ عَالِمًا بِأَنَّهَا وَدِيعَةٌ لَا عُذْرَ فِي إيدَاعِهَا (فَلَا) يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بَلْ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمَالِكُ الْمُسْتَوْدَعَ ابْتِدَاءً لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَمِنَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ.

(وَإِنْ أَرَادَ) الْمُسْتَوْدَعُ (سَفَرًا سَفَرًا أَوْ خَافَ عَلَيْهَا عِنْدَهُ فَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (رَدُّهَا عَلَى مَالِكِهَا الْحَاضِرِ، أَوْ مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً) كَزَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ وَخَازِنِهِ.

(وَ) رَدُّهَا إلَى (وَكِيلِهِ) أَيْ: وَكِيلِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ (فِي قَبْضِهَا إنْ كَانَ) لِرَبِّهَا وَكِيلٌ فِي قَبْضِهَا، أَوْ قَبْضِ حُقُوقِهِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْلِيصًا لَهُ مِنْ دَرْكِهَا، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إذَا دَفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ إذَنْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْحَاضِرِ وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ لِتَعَدِّيهِ (وَلَهُ) أَيْ: الْمُسْتَوْدَعِ (السَّفَرُ بِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ) أَيْ: وَرَبُّهَا حَاضِرٌ (إنْ لَمْ يَخَفْ) الْمُسْتَوْدِعُ (عَلَيْهَا، أَوْ كَانَ) السَّفَرُ (أَحْفَظُ لَهَا) مِنْ إبْقَائِهَا (وَلَمْ يَنْهَهُ) رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَنْ السَّفَرِ بِهَا.

قَالَ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُوجِزِ: وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ مَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ نَقَلَهَا إلَى مَوْضِعٍ مَأْمُونٍ، فَلَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ نَقَلَهَا فِي الْبَلَدِ، وَكَأَبٍ وَوَصِيٍّ لَا كَمُسْتَأْجِرٍ لِحِفْظِ شَيْءٍ.

(وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ مِنْهُمْ) أَيْ: مِنْ الْمَالِكِ وَمَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَوَكِيلِهِ (حَمَلَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (مَعَهُ فِي سَفَرِهِ) إنْ كَانَ السَّفَرُ (أَحْفَظَ لَهَا وَلَمْ يَنْهَهُ) رَبُّهَا عَنْ السَّفَرِ بِهَا (وَلَا ضَمَانَ) عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذْ سَافَرَ بِهَا مَعَ كَوْنِهِ أَحْفَظَ وَلَمْ يَنْهَهُ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ السَّفَرُ لَيْسَ أَحْفَظَ وَلَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ (فَلَا) يُسَافِرُ بِهَا، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ (وَإِنْ نَهَاهُ) أَيْ: نَهَى رَبُّ الْوَدِيعَةِ الْمُسْتَوْدَعَ عَنْ السَّفَرِ بِهَا (امْتَنَعَ) عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا.

(وَضَمِنَ) إنْ سَافَرَ بِهَا وَتَلِفَتْ لِلْمُخَالَفَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِهَا لِعُذْرٍ، كَجَلَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ، أَوْ هُجُومِ عَدُوٍّ، أَوْ حَرْقٍ، أَوْ غَرَقٍ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إذَا سَافَرَ بِهَا وَتَلِفَتْ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ، فَإِنْ تَرَكَهَا إذَنْ وَتَلِفَتْ فَمُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ: يَضْمَنُ حَيْثُ تَرَكَ الْأَصْلَحَ.

(وَلَوْ أَوْدَعَ) رَبُّ وَدِيعَةٍ (مُسَافِرًا فَسَافَرَ) أَيْ: سَافَرَ الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا وَتَلِفَتْ بِالسَّفَرِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>