للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمَانَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ إيدَاعَ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَقْتَضِي الْإِذْنَ فِي السَّفَرِ الْوَدِيعَةِ (فَإِنْ هَجَمَ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمُسَافِرِ بِوَدِيعَةٍ حَيْثُ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهَا (فَأَلْقَى الْمَتَاعَ) الْمُودَعَ (إخْفَاءً لَهُ وَضَاعَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا عَادَةُ النَّاسِ فِي حِفْظِ أَمْوَالِهِمْ (فَإِنْ خَافَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الْمُقِيمُ عَلَيْهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ (إذَا سَافَرَ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ) الْمُسْتَوْدَعُ (مَالِكَهَا) وَلَا مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً (وَلَا وَكِيلَهُ) فِي قَبْضِهَا (دَفَعَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (إلَى الْحَاكِمِ) الْمَأْمُونِ،؛ لِأَنَّ فِي السَّفَرِ بِهَا غَرَرًا؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلنَّهْبِ وَغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ مَقَامَ صَاحِبِهَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا (فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) أَيْ: دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ الْمَأْمُونِ (أَوْدَعَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (ثِقَةً) لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُهَاجِرَ أَوْدَعَ الْوَدَائِعَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ لِأُمِّ أَيْمَنَ وَأَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَرُدَّهَا إلَى أَهْلِهَا» (أَوْ دَفَنَهَا) أَيْ: دَفَنَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهَا الدَّفْنُ، وَأَعْلَمَ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا) أَيْ: الْوَدِيعَةِ الْمَدْفُونَةِ (ثِقَةً يَسْكُنُ تِلْكَ الدَّارِ) الَّتِي دَفَنَهَا بِهَا (فَيَكُونُ) الدَّفْنُ وَإِعْلَامُ الثِّقَةِ السَّاكِنِ (كَإِيدَاعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ يَحْصُلُ بِهِ (فَإِنْ دَفَنَهَا) الْمُسْتَوْدَعُ (وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَدًا، أَوْ) دَفَنَهَا وَ (أَعْلَمَ بِهَا غَيْرَ ثِقَةٍ، أَوْ) أَعْلَمَ بِهَا مَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ وَلَوْ ثِقَةً ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْلِمْ أَحَدًا قَدْ يَمُوتُ فِي سَفَرِهِ أَوْ يَضِلُّ عَنْ مَوْضِعِهَا فَلَا تَصِلُ لِرَبِّهَا، وَإِذَا أَعْلَمَ غَيْرَ ثِقَةٍ رُبَّمَا أَخَذَهَا، وَمَنْ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ لَا يَتَأَتَّى حِفْظُهُ مَا فِيهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الدَّفْنُ يَضُرُّهَا.

(وَحُكْمُ مَنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ) وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ (حُكْمُ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا فِي دَفْعِهَا إلَى الْحَاكِمِ، أَوْ ثِقَةٍ) ، أَوْ دَفْنِهَا وَإِعْلَامِ سَاكِنٍ ثِقَةٍ إنْ لَمْ يَجِدْ رَبَّهَا وَلَا مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ عَادَةً وَلَا وَكِيلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ.

(وَالْوَدَائِعُ الَّتِي جُهِلَ مُلَّاكُهَا يَجُوزُ) لِلْمُسْتَوْدَعِ (أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ) وَأَنْ يَدْفَعَهَا إلَى الْحَاكِمِ.

(وَكَذَلِكَ إنْ فُقِدَ مَالِكُهَا وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى خَبَرِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَرَثَةٌ) فَيَجُوزُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْوَدِيعَةِ بِنِيَّةِ غُرْمِهَا إذَا عَرَفَهُ، أَوْ عَرَفَ وَارِثَهُ، وَأَنْ يَدْفَعَهَا لِلْحَاكِمِ (وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي) بَابِ (الْغَصْبِ وَ) فِي آخِرِ بَابِ (الرَّهْنِ) مُفَصَّلًا.

(وَ) تَقَدَّمَ أَيْضًا (أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ الْغَصْبِ وَالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ، وَكَذَا نَحْوُهَا (إذَا دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ: دَفَعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْ غَاصِبٍ وَمُرْتَهِنٍ وَوَدِيعٍ وَنَحْوِهِمْ.

(وَإِنْ تَعَدَّى) الْوَدِيعُ (فِيهَا) أَيْ: فِي الْوَدِيعَةِ (بِانْتِفَاعِهِ) بِهَا (فَرَكِبَ) الْوَدِيعُ (الدَّابَّةَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>