للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِالتَّغْرِيمِ كَثِيرًا يُوَازِي الضَّرَرَ فِي صُوَرِ الْإِكْرَاهِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لَا يَقَعُ وَإِلَّا وَقَعَ) عَلَى الْمَذْهَبِ انْتَهَى.

(وَإِنْ نَادَى السُّلْطَانُ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْمِلْ وَدِيعَةَ فُلَانٍ عُمِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا) مِنْ أَنْوَاعِ التَّهْدِيدِ (فَحَمَلَهَا مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أَثِمَ وَضَمِنَ) قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ، أَوْ عَيَّنَهُ وَتَهَدَّدَهُ وَلَمْ يَنَلْهُ بِعَذَابٍ أَثِمَ وَضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَفِيمَا إذَا عَيَّنَهُ وَتَهَدَّدَهُ نَظَرَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الْإِيقَاعِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ.

(وَإِنْ سَلَّمَ) الْمُسْتَوْدَعُ (الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَظُنُّهُ صَاحِبَهَا فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ ضَمِنَهَا) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا عَلَى رَبِّهَا.

(وَإِنْ) أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْإِيدَاعَ بِأَنْ (قَالَ: لَمْ تُودِعْنِي، ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ (أَوْ ثَبَتَ) الْإِيدَاعُ بِبَيِّنَةٍ فَادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا سَابِقَيْنِ لِجُحُودِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ (وَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ ضَامِنًا بِجُحُودِهِ وَمُعْتَرِفًا عَلَى نَفْسِهِ بِالْكَذِبِ الْمُنَافِي لِلْأَمَانَةِ وَلِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِبَيِّنَةٍ بِجُحُودِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) مَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ أَوْ التَّلَفِ (بَعْدَ جُحُودِهِ) كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْوَدِيعَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَجَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِهَا يَوْمَ السَّبْتِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا، أَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً (قُبِلَتْ) بَيِّنَتُهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالرَّدِّ، أَوْ التَّلَفِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمُكَذِّبٍ لَهَا.

(فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ الرَّدِّ) بَعْدَ جُحُودِ الْإِيدَاعِ (وَلَمْ يُعَيَّنْ هَلْ ذَلِكَ) التَّلَفُ أَوْ الرَّدُّ (قَبْلَ جُحُودِهِ أَوْ بَعْدَهُ، وَاحْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ) ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ مُتَحَقِّقٌ فَلَا يُنْفَى بِأَمْرٍ مُتَرَدَّدٍ فِيهِ.

(وَيَأْتِي وَإِنْ قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِوَدِيعَةٍ (مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ، أَوْ لَا حَقَّ لَكَ عَلَيَّ) عَلَيَّ أَوْ قِبَلِي ثُمَّ أَقَرَّ بِالْإِيدَاعِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ (قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَالتَّلَفِ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي جَوَابَهُ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ أَوْدَعَهُ ثُمَّ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، أَوْ رَدَّهَا فَلَا يَكُونُ لَهُ عِنْدَهُ شَيْءٌ.

(لَكِنْ إنْ وَقَعَ التَّلَفُ بَعْدَ الْجُحُودِ وَجَبَ الضَّمَانُ) لِاسْتِقْرَارِ حُكْمِهِ بِالْجُحُودِ فَيُشْبِهُ الْغَاصِبَ قُلْت: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً.

(وَلَوْ قَالَ) إنْسَانٌ لِآخَرَ (لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى) الْمُقِرُّ (ظَنَّ الْبَقَاءِ) أَيْ قَالَ: كُنْتُ أَظُنُّهَا بَاقِيَةً (ثُمَّ عَلِمْتُ تَلَفَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ) ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ بِحَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَقَالَ الْقَاضِي: يُقْبَلُ وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ مَا فِيهِ.

(وَإِنْ مَاتَ الْمُودِعُ وَادَّعَى وَارِثُهُ الرَّدَّ) إلَى الْمَالِكِ، أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) ادَّعَى الْوَارِثُ (أَنَّ مُوَرِّثَهُ) كَانَ (رَدَّهَا) لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (أَوْ ادَّعَاهُ) أَيْ الرَّدَّ (الْمُلْتَقَطُ، أَوْ) ادَّعَاهُ (مَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ.

(وَمَنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهَا كَاللُّقَطَةِ وَمَنْ أَطَارَتْ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثَوْبًا وَجَبَتْ) عَلَيْهِ (الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّدِّ مَعَ الْعِلْمِ بِصَاحِبِهَا وَ) مَعَ (التَّمَكُّنِ مِنْهُ، وَكَذَا إعْلَامُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>