للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا الرَّدُّ، أَوْ الْإِعْلَامُ (ذَكَرَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَنَحْوُهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَحَكَاهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

(قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِمْ) ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ التَّمْكِينُ مِنْ الْأَخْذِ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ (وَكَذَا الْوَدِيعَةُ وَالْمُضَارَبَةُ وَالرَّهْنُ وَنَحْوُهَا) كَالْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ.

(إذَا مَاتَ الْمُؤْتَمَنُ وَانْتَقَلَتْ إلَى وَارِثِهِ) وَجَبَ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى الرَّدِّ مَعَ الْعِلْمِ بِصَاحِبِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْهُ، أَوْ إعْلَامِهِ (لِزَوَالِ الِائْتِمَانِ، وَكَذَا لَوْ فَسَخَ الْمَالِكُ) فِي حَضْرَةِ الْأَمِينِ أَوْ غِيبَتِهِ عَقْدَ الِائْتِمَانِ فِي الْأَمَانَاتِ كَالْوَدِيعَةِ: وَالْوِكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ لِزَوَالِ الِائْتِمَانِ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجِبُ فِعْلُ الرَّدِّ فَإِنَّ الْعِلْمَ هُنَا حَاصِلٌ لِلْمَالِكِ انْتَهَى قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ دَخَلَ حَيَوَانٌ لِغَيْرِهِ أَوْ عَبْدٌ لَهُ إلَى دَارِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهُ لِيَذْهَبَ كَمَا جَاءَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَثْبُتْ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الثَّوْبِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ.

(وَإِنْ تَلِفَتْ) الْوَدِيعَةُ أَوْ نَحْوُهَا (عِنْدَ الْوَارِث قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهَا لَمْ يَضْمَنْهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ أَخَّرَ الرَّدَّ أَوْ الْإِعْلَامَ فَوْقَ مَا يُمْكِنُهُ وَتَلِفَتْ (ضَمِنَهَا) لِتَفْرِيطِهِ بِالتَّأْخِيرِ.

(وَيَجِبُ) عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (رَدُّ الْوَدِيعَةِ إلَى مَالِكِهَا) أَيْ تَمْكِينُهُ مِنْ أَخْذِهَا لِمَا يَأْتِي.

(إذَا طَلَبَهَا فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ الرَّدَّ (بَعْدَ طَلَبِهَا بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ) إنْ تَلِفَتْ، أَوْ نَقَصَتْ كَالْغَاصِبِ، وَإِنْ طَلَبَهَا فِي وَقْتٍ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا إلَيْهِ لِبُعْدِهَا، أَوْ لِمَخَافَةٍ فِي طَرِيقِهَا، أَوْ لِلْعَجْزِ عَنْ حَمْلِهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُعْتَدِيًا بِتَرْكِ تَسْلِيمِهَا وَلَمْ يَضْمَنْهَا لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ.

(وَيُمْهَلُ) الْمُسْتَوْدَعُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ الرَّدُّ (لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَمَطَرٍ كَثِيرٍ وَنَحْوِهِ) كَطَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ (بِقَدْرِهِ) أَيْ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ تَلِفَتْ زَمَنَ عُذْرِهِ لِعَدَمِ عُدْوَانِهِ.

(وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ (إلَى وَكِيلِهِ فَتَمَكَّنَ) الْمُسْتَوْدَعُ مِنْ رَدِّهَا لِلْوَكِيلِ (وَأَبَى) رَدَّهَا (ضَمِنَ) الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إنْ تَلِفَتْ سَوَاءٌ (طَلَبَهَا الْوَكِيلُ أَمْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الْوَدِيعَةِ (مَنْ أَخَّرَ دَفْعَ مَالٍ أُمِرَ بِدَفْعِهِ بِلَا عُذْرٍ) وَتَلَفَ فَيَضْمَنُهُ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ مُؤْنَةُ الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ (وَ) لَا مُؤْنَةَ (حَمْلِهَا إلَى رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مِمَّا كَانَتْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً قَلَّتْ الْمُؤْنَةُ، أَوْ كَثُرَتْ) بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنْ الْأَخْذِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ مَالِكِهَا عَلَى الْخُصُوصِ بِخِلَافِ مُسْتَعِيرٍ.

(فَإِنْ سَافَرَ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا) أَيْ الْوَدِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>