للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا لَزِمَهُ) مُؤْنَةُ (رَدِّهَا إلَى بَلَدِهَا) وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِهَا وَإِلَّا فَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ مَا أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَيْ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى رَبِّهَا وَقَدْ قَامَ بِهَا عَنْهُ الْوَدِيعُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ.

(وَتَثْبُتُ الْوَدِيعَةُ بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ) بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ (أَوْ) إقْرَارِ (وَرَثَتِهِ، أَوْ بَيِّنَتَهُ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

(وَإِنْ وُجِدَ عَلَيْهَا مَكْتُوبٌ: وَدِيعَةٌ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْوِعَاءَ كَانَتْ فِيهِ وَدِيعَةً قَبْلَ هَذِهِ، أَوْ كَانَ وَدِيعَةً لِلْمَيِّتِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقُ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَنَصَرَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وُجُوبًا وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَإِنْ وَجَدَ) وَارِثٌ (خَطَّ مُورَثِهِ: لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ، أَوْ) وَجْدَ (عَلَى كِيسٍ وَنَحْوِهِ) مَكْتُوبٌ (هَذَا لِفُلَانٍ عَمِلَ) الْوَارِثُ (بِهِ وُجُوبًا) كَمَا يَعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ بِاللَّفْظِ.

(وَإِنْ وَجَدَ) وَارِثٌ (خَطَّهُ) أَيْ خَطَّ مُوَرِّثِهِ (بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ، جَازَ لِلْوَارِثِ الْحَلِفُ) إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا مَثَلًا وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا وَأَنَّهُ صَادِقٌ أَمِينٌ (وَدَفَعَ) الدَّيْنَ (إلَيْهِ) فَيَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ إذْ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ أَبِيهِ، أَوْ غَيْرِهَا إذَا رَآهَا بِخَطِّهِ.

(وَإِنْ وَجَدَ) وَارِثٌ (خَطَّهُ) أَيْ خَطَّ مُورَثِهِ (بِدَيْنٍ عَلَيْهِ) لِمُعَيَّنٍ (عَمِلَ الْوَارِثُ بِهِ) وُجُوبًا (وَدَفَعَ) الدَّيْنَ (إلَى مَنْ هُوَ مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ) كَالْوَدِيعَةِ.

(وَإِنْ ادَّعَى الْوَدِيعَةَ اثْنَانِ، فَأَقَرَّ) الْمُسْتَوْدَعُ (بِهَا لِأَحَدِهِمَا فَهِيَ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ (مَعَ يَمِينِهِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ كَانَتْ لِلْمُودَعِ، وَقَدْ نَقَلَهَا إلَى الْمُدَّعِي فَصَارَتْ الْيَدُ لَهُ.

وَمَنْ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَمِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: أَوْدَعَنِيهَا الْمَيِّتُ وَقَالَ هِيَ لِفُلَانٍ وَقَالَ وَرَثَتُهُ: بَلْ هِيَ لَهُ أَفْتَى الشَّيْخُ التَّقِيُّ: بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُودَعِ مَعَ يَمِينِهِ.

(وَيَحْلِفُ الْمُودَعُ أَيْضًا لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ) الَّذِي أَنْكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِدَعْوَاهُ وَتَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (فَإِنْ) حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ (نَكَلَ لَزِمَهُ بَدَلُهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهَا) عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهَا بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْأَوَّلِ فَتُسَلَّمُ لِلْأَوَّلِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِلثَّانِي نَصًّا.

(وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا) مَعًا (فَهِيَ لَهُمَا) أَيْ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بِأَيْدِيهِمَا وَتَدَاعَيَاهَا (وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) يَمِينًا عَلَى نِصْفِهَا (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (لَزِمَهُ بَدَلُ نِصْفِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ لَزِمَهُ لِمَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَهُ عِوَضُ نِصْفِهَا (وَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْحَلِفُ لِصَاحِبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِدَعْوَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>