قَدْرِ مُلْكِهِمْ) أَيْ قَسَمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاءِ بِقَدَرِ مَا يَمْلِكُ مِنْ النَّهْرِ (فَتُؤْخَذُ خَشَبَةٌ، أَوْ حَجَرٌ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ فَتُوضَعُ عَلَى مَوْضِعٍ مُسْتَوٍ مِنْ الْأَرْضِ فِي مَصَدِّ الْمَاءِ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْخَشَبَةِ أَوْ الْحَجَرِ (حُزُوزٌ أَوْ ثُقُوبٌ مُتَسَاوِيَةٌ فِي السَّعَةِ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ يُخْرَج مَنْ كُلِّ حَزٍّ، أَوْ ثُقْبٍ إلَى سَاقِيَةٍ مُفْرَدَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَإِذَا حَصَلَ الْمَاءُ فِي سَاقِيَتِهِ انْفَرَدَ بِهِ) فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ؛ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِمِلْكِهِ (فَإِنْ كَانَتْ أَمْلَاكُهُمْ) مُسْتَوِيَةً فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ (مُخْتَلِفَةً قُسِمَ) الْمَاءُ (عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ: أَمْلَاكِهِمْ (فَإِنْ كَانَ لِأَحَدٍ نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ جَعَلَ فِيهِ سِتَّةَ ثُقُوبٍ، لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةُ) ثُقُوبٍ (تَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ: وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ) يَصُبَّانِ فِي سَاقِيَتِهِ (وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ) يَصُبُّ فِي سَاقِيَتِهِ.
(فَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يُجْرِيَ مَاءَهُ فِي سَاقِيَةِ غَيْرِهِ لِيُقَاسِمَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (بِغَيْرِ رِضَاهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي سَاقِيَتِهِ وَيُخَرِّبُ حَافَّتَهَا وَيَخْلِطُ حَقَّهُ بِحَقِّ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ.
(وَمَا حَصَلَ لِأَحَدِهِمْ فِي سَاقِيَتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ مِنْ عَمَلِ رَحًى عَلَيْهَا) أَيْ السَّاقِيَةِ (أَوْ) عَمَلِ (دُولَابٍ، أَوْ عَبَّارَةٍ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (وَهِيَ خَشَبَةٌ تُمَدُّ عَلَى طَافِي النَّهْرِ، أَوْ) عَمَلِ (قَنْطَرَةٍ يَعْبُرُ الْمَاءُ عَلَيْهَا، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ) ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ لَا حَقّ لِغَيْرِهِ فِيهَا.
(وَأَمَّا النَّهْرُ الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ جَمَاعَةٍ (فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَتَصَرَّف فِيهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا أَحَبَّ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ (فَتْحُ سَاقِيَةٍ إلَى جَانِبِهِ) أَيْ النَّهْرِ (قَبْلَ الْمَقْسِمِ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ: مَوْضِعِ الْقَسْمِ وَهُوَ الْحَجَرُ أَوْ الْخَشَبَةُ الَّتِي بِهَا الثُّقُوبُ (يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهَا وَلَا أَنْ يَنْصِبَ عَلَى حَافَتَيْ النَّهْرِ رَحًى تَدُورُ بِالْمَاءِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ (؛ لِأَنَّ حَرِيمَ النَّهْرِ مُشْتَرَكٌ فَلَمْ يُمْلَكْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ.
" تَتِمَّةٌ " نَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ غَصَبَ حَقَّهُ مِنْ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ لِلْبَقِيَّةِ أَخْذُ حَقِّهِمْ.
(وَإِذَا اقْتَسَمُوا مَاءَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بِالْمُهَايَأَةِ وَكَانَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَعْلُومًا مِثْلَ أَنْ يَجْعَلُوا لِكُلِّ حِصَّةٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً، أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، وَلِلْآخَرِ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) جَازَ (أَوْ اقْتَسَمُوهُ بِالسَّاعَاتِ وَأَمْكَنَ ضَبْطُ ذَلِكَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ جَازَ إذَا تَرَاضَوْا بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَجَاوَزُهُمْ.
(وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ لَوْ احْتَاجَ النَّهْرُ) الْمُشْتَرَكُ (وَنَحْوُهُ إلَى عِمَارَةٍ، أَوْ كَرْيٍ) أَيْ تَنْظِيفٍ وَأَنَّهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ وَمَنْ سَدَّ لَهُ مَاءً لِجَاهِهِ فَلِغَيْرِهِ السَّقْيُ مِنْهُ لِحَاجَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ سَدَّ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute