الْكَثِيرُ الِالْتِقَاطِ، وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهَا اسْمٌ لِلْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ مَا جَاءَ عَلَى فُعَلَةٍ فَهُوَ اسْمُ الْفَاعِلِ، كَالضُّحَكَةِ، وَالْهُمَزَةِ، وَاللُّمَزَةِ (وَهِيَ اسْمٌ لِمَا يُلْتَقَط مِنْ مَالٍ) ضَائِعٍ (أَوْ مُخْتَصٍّ ضَائِعٍ) كَالسَّاقِطِ مِنْ رَبِّهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ.
(وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ: مَعْنَى الضَّائِعِ، كَالْمَتْرُوكِ قَصْدًا لِأَمْرٍ يَقْتَضِيهِ (لِغَيْرِ حَرْبِيٍّ) فَإِنْ كَانَتْ لِحَرْبِيٍّ مَلَكَهَا وَاجِدُهَا، كَالْحَرْبِيِّ إذَا ضَلَّ الطَّرِيقَ فَوَجَدَهُ إنْسَانٌ فَأَخَذَهُ مَلَكَهُ، وَتَقَدَّمَ (يَلْتَقِطُهُ غَيْرُ رَبِّهِ) فَإِنْ الْتَقَطَهُ رَبُّهُ لَمْ يُسَمَّ لُقَطَةً عُرْفًا، وَالْأَصْلُ فِي اللُّقَطَةِ: مَا رَوَى زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَك فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ فَادْفَعْهَا إلَيْهِ، وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ فَقَالَ: مَا لَكَ، وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا، وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ؟ فَقَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مَثَلًا وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ: مُلْتَقِطٌ، وَمَلْقُوطٌ، وَالْتِقَاطٌ (وَالْتِقَاطٌ وَيَنْقَسِمُ) الْمَالُ الضَّائِعُ، وَنَحْوُهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطُ النَّاسِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْهِمَّةُ بِالْكَسْرِ، وَتُفْتَحُ مَا هَمَّ بِهِ مِنْ أَمْرٍ لِيَفْعَلَ (كَالسَّوْطِ) مَا يُضْرَب بِهِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُوَ فَوْقَ الْقَضِيبِ، وَدُونَ الْعَصَا، وَفِي الْمُخْتَارِ هُوَ سَوْطٌ لَا ثَمَرَةَ لَهُ (وَالشِّسْعِ) أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْإِصْبَعَيْنِ (وَالرَّغِيفِ، وَالْكِسْرَةِ، وَالتَّمْرَةِ، وَالْعَصَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَالْخِرْقَةِ، وَالْحَبْلِ، وَمَا لَا خَطَرَ لَهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَلَوْ كَثُرَ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَدَقَةَ أَنَّهُ يُعَرِّفُ الدِّرْهَمَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجِبُ تَعْرِيفُ الدَّانِقِ، وَحَمَلَهُ فِي التَّلْخِيصِ عَلَى دَانِقِ الذَّهَبِ نَظَرًا لِعُرْفِ الْعِرَاقِ.
(وَمَا قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ ذَلِكَ، فَيُمْلَكُ بِأَخْذِهِ، وَيَنْتَفِعُ بِهِ آخِذُهُ بِلَا تَعْرِيفٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ «رَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَصَا، وَالسَّوْطِ، وَالْحَبْلِ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ) ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ.
(وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمُلْتَقِطَ (دَفْعُ بَدَلِهِ إنْ وَجْدَ رَبَّهُ) ؛ لِأَنَّ لَاقِطَهُ مَلَكَهُ بِأَخْذِهِ (وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا تَلِفَ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: إذَا الْتَقَطَهُ إنْسَانٌ، وَانْتَفَعَ بِهِ، وَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ.
(فَأَمَّا إنْ كَانَ) مَا الْتَقَطَهُ مِمَّا لَا تَتْبَعُهُ الْهِمَّةُ (مَوْجُودًا وَوَجَدَ) مُلْتَقِطُهُ (رَبَّهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ) ، وَيُؤَيِّدُهُ: تَعْبِيرُهُمْ بِالْبَدَلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute