الذِّمِّيُّ (بِيَدِهِ) أَيْ: الذِّمِّيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] .
(وَلَوْ الْتَقَطَ) اللَّقِيطَ (الْكَافِرَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ فَهُمَا سَوَاءٌ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الِالْتِقَاطِ وَلِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ الْوِلَايَةُ (وَقِيلَ الْمُسْلِمُ أَحَقُّ اخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّاظِمِ قَالَ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بِلَا تَرَدُّدٍ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ يَنْشَأُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَيَتَعَلَّمُ شَرَائِعَ الدِّينِ فَيَفُوزُ بِالسَّعَادَةِ الْكُبْرَى.
(وَإِنْ الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ النُّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ) لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ (أَوْ) الْتَقَطَهُ فِي الْحَضَرِ مَنْ يُرِيدُ النُّقْلَةَ (مِنْ بَلَدٍ إلَى قَرْيَةٍ أَوْ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ) أَيْ: مِنْ حِلَّةٍ إلَى حِلَّةٍ (لَمْ يُقَرَّ بِيَدِهِ) ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ فِي بَلَدِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ أَوْ حِلَّتِهِ أَرْجَى لِكَشْفِ نَسَبِهِ، وَكَالْمُنْتَقِلِ بِهِ إلَى الْبَادِيَةِ (مَا لَمْ يَكُنِ الْبَلَدُ الَّذِي كَانَ فِيهِ) وَاجِدُ اللَّقِيطِ (وَبِيئًا) أَيْ:، وَخِيمًا (كَغَوْرِ بَيْسَانَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يَلِيهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ بَلَدٌ بِأَرْضِ الشَّامِ (وَنَحْوِهِ) كَالْجُحْفَةِ فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ وَبِيئًا أُقِرَّ اللَّقِيطُ بِيَدِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ إلَى بَلَدٍ لَا وَبَاءَ بِهِ أَوْ دُونَهُ فِي الْوَبَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ.
وَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ لِغَيْرِ نُقْلَةٍ، فَإِنْ عُرِفَتْ عَدَالَتُهُ، وَظَهَرَتْ أَمَانَتُهُ أُقِرَّ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ فَفِيهِ وَجْهَانِ (وَحَيْثُ يُقَالُ بِانْتِزَاعِهِ) أَيْ: اللَّقِيطِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ (فَإِنَّمَا ذَلِكَ) الِانْتِزَاعُ (عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَى بِهِ) مِنْ الْمُلْتَقِطِ (فَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ) أَوْلَى مِنْهُ (فَإِقْرَارُهُ فِي يَدِهِ أَوْلَى كَيْفَ كَانَ) لِرُجْحَانِهِ بِالسَّبْقِ إلَيْهِ.
(وَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ وَمُقِيمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ إذَا الْتَقَطَاهُ) أَيْ: الْمُوسِرُ، وَضِدُّهُ أَوْ الْمُقِيمُ، وَضِدُّهُ (مَعًا عَلَى ضِدِّهِمَا) فَيُقَدَّمُ الْمُوسِرُ عَلَى الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ أَحَظُّ لِلَّقِيطِ، وَيُقَدَّمُ الْمُقِيمُ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِاللَّقِيطِ.
(فَإِنْ تَسَاوَيَا) أَيْ: الْمُلْتَقِطَانِ فِي الْيَسَارِ أَوْ الْإِقَامَةِ (الْإِقَامَةِ وَتَشَاحَّا) بِأَنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، وَتَسْلِيمِ اللَّقِيطِ إلَى صَاحِبِهِ (أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] ؛ وَلِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا، وَالْحَضَانَةُ لَا تَتَبَعَّضُ، وَالْمُهَايَأَةُ فِيهَا إضْرَارٌ بِالطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأَغْذِيَةُ، وَالْأُنْسُ، وَالْإِلْفُ (وَالْبَلَدِيُّ، وَالْكَرِيمُ، وَظَاهِرُ الْعَدَالَةِ، وَضِدُّهُمْ) أَيْ: الْبَلَدِيِّ، وَالْقَرَوِيِّ سَوَاءٌ، وَالْكَرِيمُ، وَالْبَخِيلُ سَوَاءٌ، وَظَاهِرُ الْعَدَالَةِ، وَمَسْتُورُهَا سَوَاءٌ؛ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْأَهْلِيَّةِ (وَالرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ) فَلَا تُقَدَّمُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَضَانَةِ؛ لِأَنَّهُمَا أَجْنَبِيَّانِ عَنْ الطِّفْلِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ فِي الْحَضَانَةِ لِقَرَابَتِهَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلشَّفَقَةِ، وَكَوْنُ الرَّجُلِ إنَّمَا يُحْضَنُ بِأَجْنَبِيَّةٍ.
(بِأَجْنَبِيَّةٍ وَالشَّرِكَةُ فِي الِالْتِقَاطِ أَنْ يَأْخُذَاهُ جَمِيعًا) أَيْ: مَعًا (وَوَضْعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute