فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَقْفَ يَحْصُلُ بِكُلِّ مَا أَدَّى مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ وَوَقْفُ الْهَازِلِ وَوَقَفَ التَّلْجِئَةِ إنْ غَلَبَ عَلَى الْوَقْفِ جِهَةُ التَّحْرِيرِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ كَالْعِتْقِ وَالْإِتْلَافِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَيْهِ شَبَهُ التَّمْلِيكِ فَيُشْبِهُ الْهِبَةَ وَالتَّمْلِيكَ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ مِنْ الْهَازِلِ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَلَا يَصِحُّ) الْوَقْفُ (إلَّا بِشُرُوطٍ) خَمْسَةٍ (أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ فِي عَيْنٍ مَعْلُومَةٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا) بِخِلَافِ نَحْوِ أُمِّ وَلَدٍ (غَيْرُ مُصْحَفٍ) فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ خِلَافٍ وَتَقَدَّمَ.
(وَ) يُعْتَبَرُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ أَيْضًا أَنْ (يُمْكِنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا دَائِمًا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا عُرْفًا كَإِجَارَةٍ وَاسْتِغْلَالِ ثَمَرَةٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ الْوَقْفَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ لَيَكُونَ صَدَقَةً جَارِيَةً وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِيمَا لَا تَبْقَى عَيْنُهُ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَإِجَارَةٍ إلَى آخِرِهِ إلَى أَنَّ الْمُنْتَفَعَ بِهِ تَارَةً يُرَادُ مِنْهُ مَا لَيْسَ عَيْنًا كَسُكْنَى الدَّارِ وَرَكُوبِ الدَّابَّةِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَتَارَةً يُرَادُ مِنْهُ حُصُولُ عَيْنٍ كَالثَّمَرَةِ مِنْ الشَّجَرِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالْأَلْبَانِ وَالْبَيْضِ مِنْ الْحَيَوَانِ (عَقَارًا كَانَ) الْمَوْقُوفُ كَأَرْضٍ (أَوْ شَجَرًا أَوْ مَنْقُولًا كَالْحَيَوَانِ) كَفَرَسٍ وَقَفَهُ عَلَى الْغُزَاةِ.
(وَ) ك (الْأَثَاثِ) كَبِسَاطٍ يُفْرَشُ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ (وَ) ك (السِّلَاحِ) كَسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ قَوْسٍ عَلَى الْغُزَاةِ (وَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ وَنَحْوِهِ) أَمَّا الْعَقَارُ فَلِحَدِيثِ عَمْرٍو وَأَمَّا الْحَيَوَانُ فَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ حَسَنَاتٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا الْأَثَاثُ وَالسِّلَاحُ فَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَّا خَالِدٌ فَقَدْ حَبَسَ أَدْرَاعَهُ، وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
، وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ "، وَأَعْتِدَهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ " الْأَعْتَادُ " مَا يَعُدُّهُ الرَّجُلُ مِنْ مَرْكُوبٍ، وَسِلَاحٍ، وَآلَةِ الْجِهَادِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَمَقِيسٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا مَقْصُودًا فَجَازَ وَقْفُهُ كَوَقْفِ السِّلَاحِ.
(وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ) كَنِصْفٍ أَوْ سَهْمٍ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ وَقْفُهَا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ قَالَ: الْمِائَةُ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَعْجَبَ إلَيَّ مِنْهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: حَبِّسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ: كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمًا قَالَهُ أَحْمَدُ (فَلَوْ وَقَفَهُ) أَيْ: الْمُشَاعَ (مَسْجِدًا ثَبَتَ فِيهِ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الْحَالِ) عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِالْوَقْفِ (فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ) ، وَالسَّكْرَانُ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ تَتَعَدَّى (ثُمَّ الْقِسْمَةُ مُتَعَيِّنَةٌ هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا وَقَفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute