؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْجَمْعِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، كَمَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَيَكُونُ (بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ لَهُمْ، وَإِطْلَاقُ التَّشْرِيكِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ بِشَيْءٍ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَنْفِيُّ بِلِعَانٍ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِفَةِ الْوَلَدِ، وَالْأَوْلَادِ فِي اسْتِقْلَالِ الْمَوْجُودِ مِنْهُمْ بِالْوَقْفِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ عِلْمَ الْوَاقِفِ بِوُجُودِ مَا دُونَ الْجَمْعِ دَلِيلُ إرَادَتِهِ مِنْ الصِّيغَةِ.
(وَإِنْ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ بَعْدَ وَقْفِهِ اسْتَحَقَّ) الْحَادِثُ (كَالْمَوْجُودِينَ) حَالَ الْوَقْفِ تَبَعًا لَهُمْ (اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ) ، وَالْمُسْتَوْعِبِ (خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْقِيحِ) ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى حَيْثُ قَالَ دَخَلَ الْمَوْجُودُونَ فَقَطْ.
(وَيَدْخُلُ) أَيْضًا فِي الْوَقْفِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ أَوْ أَوْلَادِهِ (وَلَدُ بَنِيهِ) مُطْلَقًا (وُجِدُوا) أَيْ: وَلَدُ الْبَنِينَ (حَالَةَ الْوَقْفِ أَوْ لَا) مَثَلًا وَإِنْ سَفَلُوا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] فَدَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، وَإِنْ سَفَلُوا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَوْضِعٍ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ الْوَلَدَ دَخَلَ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ، فَالْمُطْلَقُ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّ إذَا خَلَا عَنْ قَرِينَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُفَسَّرُ بِمَا يُفَسَّرُ بِهِ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ وَلَدِهِ وَلَدٌ لَهُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {يَا بَنِي آدَمَ - يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: ٣١ - ٤٠] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا» وَقَوْلُهُ «نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ» وَالْقَبَائِلُ كُلُّهَا تُنْتَسَبُ إلَى جُدُودِهَا.
(وَلَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبَنَاتِ) فِي وَلَدِهِ وَلَا فِي أَوْلَادِهِ إذَا وَقَفَ عَلَيْهِمْ (كَوَصِيَّةٍ) أَيْ: كَمَا لَوْ وَصَّى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ لِأَوْلَادِهِ فَيَدْخُلُ فِيهَا أَوْلَادُ بَنِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ دُونَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ، وَأَوْلَادِ بَنَاتِ بَنِيهِ، وَبَنَاتِ بَنِي بَنِيهِ فَلَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْوَقْفِ وَلَا فِي الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَلِعَدَمِ دُخُولِهِمْ فِي قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: ١١] وَكَذَا كُلُّ وَلَدٍ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ فِي الْإِرْثِ أَوْ الْحَجْبِ لَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِيهِ؛ وَلِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَنْتَسِبُونَ إلَى آبَائِهِمْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّاعِرُ:
بَنُونَا بَنُو أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ.
(وَيَسْتَحِقُّونَهُ) أَيْ: يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الْبَنِينَ الْوَقْفَ (مُرَتَّبًا) بَعْدَ آبَائِهِمْ (كَقَوْلِهِ) وَقَفْتُهُ عَلَى أَوْلَادِي (بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) أَوْ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ أَوْ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، وَنَحْوَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute