للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمَانَاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَاجِبٌ وَطَرِيقَةُ الْوَصِيَّةِ وَالْحَدُّ السَّابِقُ لِأَحَدِ نَوْعَيْ الْوَصِيَّةِ وَذَكَرَ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ التَّبَرُّعُ بِهِ) أَيْ: بِالْمَالِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) أَخْرَجَ بِهِ الْهِبَةَ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مِنْ الْبَالِغِ الرَّشِيدِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا) لِأَنَّ هِبَتَهُمْ صَحِيحَةٌ فَالْوَصِيَّةُ أَوْلَى وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ قَالَهُ فِي الْكَافِي لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ قَوْلٌ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَيَكُونُ كَقَوْلِ الرِّعَايَةِ وَتُقْبَلُ أَيْ: التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ التَّائِبُ الْمَلَكَ وَقِيلَ مَا دَامَ مُكَلَّفًا وَقِيلَ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ أَيْ: تَبْلُغْ رُوحُهُ حُلْقُومَهُ.

(وَ) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِفَلَسٍ) وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ لِحَظِّ الْغُرَمَاءِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ بَعْدَ وَفَاءِ دُيُونِهِ.

(وَ) تَصِحُّ (مِنْ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ) لِأَنَّ لَهُمْ عِبَادَةً صَحِيحَةً وَأَهْلِيَّةً تَامَّةً.

(وَ) أَمَّا وَصِيَّتُهُمْ (فِي الْمَالِ) فَ (إنْ مَاتُوا عَلَى الرِّقِّ فَلَا وَصِيَّةَ تَصِحُّ لَهُمْ) لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِمْ (وَمَنْ عَتَقَ مِنْهُمْ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَصِيَّتَهُ صَحَّتْ) وَصِيَّتُهُ (لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ مَعَ عَدَمِ الْمَالِ كَالْفَقِيرِ إذَا أَوْصَى وَلَا شَيْءَ) مِنْ الْمَالِ (لَهُ ثُمَّ اسْتَغْنَى) صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ بِمَالٍ) لِأَنَّهَا تَمَحَّضَتْ نَفْعًا لَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، فَصَحَّتْ مِنْهُ كَعِبَادَاتِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ وَلَيْسَ فِي الْوَصِيَّةِ إضَاعَةٌ لَهُ لِأَنَّهُ إنْ عَاشَ كَانَ مَالُهُ لَهُ وَإِنْ مَاتَ كَانَ ثَوَابُهُ لَهُ، وَهُوَ أَحْوَجُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ عَلَى أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَتَصَرَّفَ عَلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ فَوَصِيَّتُهُ أَوْلَى.

(وَ) وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ مُمَيِّزٍ عَاقِلٍ) لِلْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ تَمَحَّضَ نَفْعًا لَهُ فَصَحَّ مِنْهُ كَالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ.

وَ (لَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ سَكْرَان أَوْ مَجْنُونٍ) مُطْبَقٍ (وَمُبَرْسَمٍ وَطِفْلٍ دُونَ التَّمْيِيزِ) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِكَلَامِهِمْ.

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِمَّنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ بِإِشَارَةٍ وَلَوْ فُهِمَتْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَيْئُوسًا مِنْ نُطْقِهِ كَقَادِرٍ) عَلَى الْكَلَامِ.

وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ أَنَّ امْرَأَةً قِيلَ لَهَا فِي مَرَضِهَا أَوْصِي بِكَذَا أَوْصِي بِكَذَا، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا فَلَمْ يُجِزْهُ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

(وَلَا) تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (مِنْ أَخْرَسِ لَا تُفْهَمُ إشَارَتُهُ فَإِنْ فُهِمَتْ) إشَارَتُهُ (صَحَّتْ) لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ عُرْفًا فَهِيَ كَاللَّفْظِ مِنْ قَادِرٍ عَلَيْهِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى صِحَّتِهَا مِنْهُ بِالْكِتَابَةِ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (فِي إفَاقَةِ مَنْ يُخْنَقُ فِي بَعْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>